
أكد تقرير صادم نشرته وكالة رويترز، أن العاصمة السودانية الخرطوم تحوّلت إلى مدينة غير صالحة للسكن، بعد أكثر من عامين من الحرب الشرسة التي دمّرت البنية التحتية، ومزّقت نسيج الحياة، وأغرقت سكان المدينة في جحيم يومي من الخوف والدمار والمعاناة.
وسلط التقرير الضوء على واقع الخراب الشامل، مشيرًا إلى الجسور المدمّرة، ومحطات الكهرباء المعطلة، والمياه غير الصالحة للشرب، والمستشفيات المنهوبة، والمباني المنهارة، وسط استمرار القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023.
وتوقعت رويترز أن تبلغ تكلفة إعادة إعمار الخرطوم وحدها أكثر من 300 مليار دولار، بينما قد تصل فاتورة إعادة إعمار السودان بأكمله إلى نحو 700 مليار دولار، في ظل غياب أفق سياسي وانحسار المساعدات الدولية.
وضع إنساني يلامس حدود الكارثة
أشار التقرير إلى نزوح نحو 13 مليون شخص بسبب الحرب، في وقت يحتاج فيه أكثر من 30 مليون سوداني لمساعدات غذائية عاجلة، بينهم 10 ملايين يعانون من الجوع الحاد، وفقًا لتقديرات وكالات أممية. كما أدى تفشي الكوليرا إلى وفاة 172 شخصًا في أسبوع واحد فقط، معظمهم من سكان الخرطوم.
الخرطوم… من حاضرة إلى مدينة منكوبة
تحوّلت الأحياء الراقية سابقًا إلى مدن أشباح تنبض بالخراب، وتمتلئ بالسيارات المحترقة والقذائف غير المنفجرة، بينما انتشرت خنادق عشوائية لنهب أسلاك النحاس من باطن الأرض، في مشهد يعكس انهيار النظام وفوضى السلاح.
البنية التحتية والطاقة على حافة الانهيار الكامل
أوضح وزير الطاقة محيي الدين نعيم أن جميع محطات الكهرباء في العاصمة خرجت عن الخدمة، فيما لحقت بمصفاة الجيلي خسائر تفوق 3 مليارات دولار، مما أدى لتوقف عملية التكرير وتحول البلاد إلى مصدّر للخام فقط، في ظل استهداف منشآت حيوية بطائرات مسيرة.
الصحة في غرفة الإنعاش
كشف وزير الصحة هيثم محمد إبراهيم أن المليشيات المسلحة نفّذت عمليات تخريب ممنهج للمرافق الصحية، ما أدى إلى نهب وتدمير غالبية الأجهزة والمعدات، وتُقدَّر الخسائر في القطاع الصحي بنحو 11 مليار دولار.
رغم الدمار… فرصة للتحول؟
ورغم الصورة القاتمة، يرى خبراء في الأمم المتحدة أن الدمار الواسع قد يفتح الباب أمام إعادة إعمار لامركزية، من خلال مشاريع صغيرة ومستدامة تعتمد على الطاقة الشمسية وتعيد توزيع الخدمات خارج العاصمة. وقال ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لوكا ريندا: “الحرب رغم فداحتها، قد تتيح الفرصة لنموذج أكثر عدالة وخضرة في المستقبل”.
> الخرطوم تحترق وتنهار، وأهلها بين نازحٍ وجائعٍ ومريض… وسط صمت عالمي لا يرقى لحجم الكارثة.
Leave a Reply