ثوب الغياب

هيثم الشفيع

يا ويح قلبك آنَ حانَ فراقها
هي ذي تخيط من الغياب ثيابا
رحلتْ فما أبقتْ فؤاداً بعدها
إلا سقته من الحميم شرابا
من كل (ثانيةٍ) تمر ببعدها
(دهرٌ) أظلّك -بالحنين- سحابا
لخدودها و ورودها، لجمالها
ودلالها، للبدر حسناً أذهل الألبابا
كم من نعيمٍ عشته في قربها
ولكم سقتك -محبةً- أنخابا
لكنها -يا بؤس عمرك- أعرضتْ
فغدت بساتين الوصال يبابا
أنشدتَ (وصلاً) حين غنّت (فُرقةً)
وفتحتَ نافذةً فسدّت بابا
فأرحل بعيداً عن ديارٍ كلما
أهديتَ غيماً أبدلتك سرابا
واغنم رحيلك عن هواها بعد ما
ردّت بضاعتك -الهيام- عذابا
وأسكن مدينتك -الدموعَ- قصورها
فبها ستلبث -صاغراً- أحقابا
هي ذي أمامك قد مضت وتباعدت
سلكتْ طريقاً ليس منه مآبا
قد ألبسته من الغياب ثيابا
فأنساه وعداً صادقاً كذّابا.
بورتسودان، مايو، 2025م

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.