
مجدي علي
في نهاية سبعينيات القرن الماضي ظهر أحمد عثمان أحمد شاويش بمركز شباب السجانة بصحبة ثلة من المطربين الشباب قادماً من مدينة عطبرة، ولأن الساحة الفنية كان يتسيدها يومذاك جيل من الرواد المخضرمين، لم ينل الفتى وصحبه سوى لقب (البكاسي)، تلك الصفة التي حبست شاويش وصحبه في الظل دون أن يرتقوا مرتبة النجوم..
ولأن الفن كان يسري في روحه ويتملكها، التحق شاويش بقسم الموسيقى بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح ودرس الصوت وآلة العود، وبحكم التشابه بين صوته وصوت الفنان أبو عركي البخيت كان يردد أغنياته ولكن بطريقة مختلفة لا تشبه عركي.
عمل بعد التخرج مخرجاً بالإذاعة السودانية، وقد أتاح له أتاح له عمله بالإذاعة إشباع ميوله الدرامية من خلال إسهامه الوافر في الدراما الإذاعية، بما يمتلكه من رؤى إخراجية وموسيقية مختلفة وقدرات مميزة على وضع الألحان، حيث كتب وأخرج العديد من البرامج والأعمال الدرامية، كما لحن وأدى المقدمات الموسيقية لعدد من المسلسلات الشهيرة منها (البيت الكبير)، (بيوت من نار) و(نهر السراب).
ما يميز شاويش من بين جايلوه إجادته العزف على العود بمهارة، هذا فضلاً عن امتلاكه بشهادة الموسيقار الماحي سليمان لمجال صوتي واسع، يصنفه واحداً من الأصوات النادرة التي تجمع بين رنين الباريتون وقوة الباص. هذه القدرة على تحريك الصوت في جميع المقامات الصوتية صنعت من أحمد شاويش مبدعاً متفرداً لم يتوقف عن العمل على تطوير أسلوبه الخاص في الغناء والتلحين، ليضاف إلى سجل الرواد، فنانأ صارماً ومجيداً ومخلصاً لمشروعه الإبداعي..
كان شاويش حاذقاً في اختيار نصوص أغانيه التي جمع فيها بين التطريب العالي والتعبير العاطفي العميق، وقد جمعته ثنائية مميزة مع الشاعر محمد نجيب محمد علي، أنتجت أعمالاً غنائية فارقة وخالدة، منها (بتذكرك) و(تعالي معاي) وأغنية عن الربيع العربي بعنوان (هم قادمون) فازت بجائزة مهرجان الأغنية العربية بتونس. وتعاون شاويش مع المذيعة ليلى المغربي عبر (أنا ما جاييك شايل افراح تملا الدنيا)، ومع الشاعر محمد أحمد سوركتي عبر عدد من الأعمال.. لكن شاويش الشاعر المجيد هو من كتب لنفسه أجمل أغانيه (عطر الصندل) و(عادي جداً) و(لما الأمير ظل ووقف).
رحل شاويش أحد رواد العمل الإعلامي والفني في السودان بمدينة عطبرة التي أحبها، بعد معاناة طويلة مع المرض، مخلفاً إرثاً فنياً وأدبياً وإنسانياً ثرياً، جمع بين الكتابة الشعرية والتلحين والغناء، والإخراج الإذاعي..
شاويش فنان كبير وملتزم، ومحترم، وقدير، وسنظل نكن له الكثير من المحبة كما قال الفنان يوسف الموصلي.
Leave a Reply