
بقلم: ماجد القوث
منذ اندلاع الحرب بين قيادتي الجيش والدعم السريع في منتصف أبريل 2023، تشهد البلاد واحدة من أسوأ الأزمات التعليمية في تاريخها الحديث، نتيجة لتعطّل العملية التعليمية في أكثر من نصف ولايات السودان الثماني عشرة.
أولاً: طلاب المدارس الحكومية (ابتدائي، متوسط، ثانوي)
وفقًا لتقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، فإن أكثر من 90% من الأطفال في سن الدراسة—أي قرابة 19 مليون طفل—لم يتمكنوا من الوصول إلى التعليم.
كل 1 من 3 أطفال خارج أسوار المدارس، في أزمة متعددة الأبعاد:
تربويًا: يُحرَم الأطفال من حق التعلم، ما يراكم الجهل ويعمّق الفجوة المهارية.
اجتماعيًا: تتسع دائرة التهميش، ويزداد خطر عمالة الأطفال والانحرافات السلوكية.
نفسيًا: يتعرض الأطفال لتدنٍ في احترام الذات وشعور باللاانتماء.
ما بين 5 و6 ملايين طفل فقدوا الوصول إلى المدرسة.
التقديرات تشير إلى أن الخسارة المستقبلية بسبب انقطاع التعليم قد تصل إلى 26 مليار دولار.
تراكمت دفعتان من الأطفال بلغوا سن الدراسة (6 سنوات)، ولم تُستوعب سوى نسبة تتراوح بين 50% و70% منهم قبل الحرب.
توقف التعليم أدى إلى تسرّب آلاف الأطفال، واضطر البعض للعمل لمساعدة أسرهم.
نزح أو هاجر معظم الطلاب داخليًا أو خارجيًا.
كان أكثر من 600 ألف طالب/ة يستعدون للشهادة الثانوية؛ أصبح معظمهم لاجئين أو مهاجرين.
توقفت الدراسة في دارفور، الخرطوم، الجزيرة، سنار، وكردفان.
لم يتمكن الطلاب من التسجيل خارج مناطقهم، مما أعاق جلوسهم للامتحانات.
يُقدَّر عدد الطلاب “العالقين” بنحو 570 ألفًا.
في بعض المدارس، يدرس فقط طلاب الثاني والثالث الثانوي، بينما غاب طلاب الصف الأول.
طلاب المرحلة المتوسطة يدرسون في الصفين الأول والثاني فقط.
ورغم هذه المآسي، يشيد حزب البعث بالمبادرات المجتمعية التي أطلقها معلمون/معلمات متطوعون، حيث حوّل المواطنون منازلهم إلى مدارس مؤقتة، في فعل مقاومة مدني يعيد للتعليم رمزيته في وجه الجنرالات.
ثانيًا: الحرب وتدمير البنية التحتية التعليمية
تعرّضت المنشآت التعليمية لأضرار جسيمة بفعل القصف والاشتباكات.
تم إغلاق أكثر من 10,400 مدرسة بسبب القتال.
تحوّلت نحو 6,000 مدرسة إلى مراكز إيواء للنازحين.
انهارت مدارس في نهر النيل، الشمالية، وطوكر بسبب الأمطار، بعد تحويل مخصصات الخريف إلى الحرب.
سُرقت آلاف المقاعد، والمراوح، وخزانات المياه، والوسائل التعليمية.
نُهبت مكاتب إدارات التعليم، وكُسرت أبواب المدارس ونوافذها، وسُرقت أسقفها.
استُخدمت بعض المدارس كمقرات عسكرية.
ويقدّر الخبراء أن آثار هذه الحرب على التعليم قد تمتد لأكثر من عقد من الزمان، بعد ضياع عامين دراسيين لأكثر من 90% من الأطفال.
ثالثًا: المعلمون والمعلمات في قلب الأزمة
توقف صرف الرواتب منذ 15 أبريل 2023.
اضطر عدد من المعلمين إلى تغيير المهنة أو الهجرة.
هاجر معلمو المواد العلمية إلى دول الجوار: مصر، يوغندا، جنوب السودان، تشاد، ليبيا.
من بقي في الداخل لم يتسلّم مستحقاته لأكثر من 14 شهرًا.
توقفت جميع البدلات: النقد، السكن، الوجبة، اللبس.
توقفت الترقيات والعلاوات السنوية.
تعطلت مراكز التأهيل التربوي، وتحولت إلى مقرات أمنية في بعض المدن.
ومن النتائج المترتبة على هذه الأزمة:
ارتفاع الرسوم الدراسية المفروضة من إدارات التعليم.
تضاعفت رسوم الشهادة الثانوية إلى 95,000 جنيهاً للحصول على رقم الجلوس.
ربط الامتحان التجريبي برسوم إضافية.
تخصيص جزء من الرسوم لمكاتب المدراء العامين للتعليم.
زيادة النسب المستقطعة لصالح إدارات التعليم بالمحليات.
أحجمت المجالس التربوية عن التشكل، تجنبًا لتحمل تبعات ما وُصف بـ”حرب الجنرالات العبثية” التي أنهكت التعليم وقوّضت مستقبله.
Leave a Reply