
إذا كانت عملية الإصلاح والتغيير تحتاج لتوفر بيئة مناسبة وظروف موضوعية فهي بالضرورة تحتاج لنقطة انطلاق وعادة ما تكون (الأزمات) هي نقطة انطلاقها لما تحدثه من تهديد وتحدي وعدم استقرار.
ويعود تحديد نوع الأزمات للعوامل المتسببة فيها مثلاً تردي الوضع الاقتصادي يؤدي إلى أزمة اقتصادية وهكذا الحال بالنسبة للوضع السياسي والاجتماعي والثقافي.
وأزمة فقدان الشرعية في نظام الحكم يتسبب فيها عامل عدم الاستقرار السياسي الناتج عن تردي الأوضاع السياسية ، وعند تبني نهج اصلاحي لمواجهة مثل هذه الأزمة لابد من وسيلة مثل خلق جبهة ( للإصلاح ) والمقصود بالجبهة هو حجم السعة فكلما اتسعت القاعدة كلما زادت وتعمقت شرعية الإصلاح ومثال لذلك الإصلاح الذي يهدف للمصلحة الوطنية يدفع المجتمع للتمسك به وحمايته ولا يلبث أن يتحول لحراك اجتماعي تنتج عنه ارادة مجتمعية متوازنة بين قمة الهرم التنظيمي الذي يطلق المبادرة والقاعدة التي تتبناه وبهذا يمكن الخروج بالعملية الإصلاحية من الجزئية الى نطاق الكلية.
وأيضا التغيير الديمقراطي يحتاج لإصلاح ديمقراطي عبر المؤسسات الديمقراطية الفاعلة مثل الاعلام الواعي والصحافة الحرة والبرلمانات القوية والأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني، والملاحظ أن ضعف هذه المؤسسات وغيابها يؤدي إلى تراجع المسيرة الديمقراطية والممارسة الديمقراطية ، والإصلاح الديمقراطي يحتاج أيضا للمشاركة الشعبية التي تعتبر من أهم مطلوبات الإصلاح فأستقرار القاعدة الشعبية يلعب دورا فعال بعكس حالة عدم الاستقرار الناتجة من الحروب والصراعات التى تعيق عملية الإصلاح وتتحكم في مظاهر التغيير.
كذلك الحال في الاقتصاد فعوامل التدهور الاقتصادي التي تنتج عنها الأزمة الاقتصادية بسبب عدم الإدارة الصحيحة والواعية للموارد تتسبب في زيادة حجم الديون الخارجية ومن ثم إنتشار الفقر الذي يتسبب في زيادة معدل الأمية والجهل وسؤ التغذية وانخفاض المستويات الصحية وغيرها من مظاهر الاختلالات الإقتصادية التي تحصر الحاجات الأساسية في المأكل والسكن .
كذلك الحال في العوامل الثقافية، ولاشك أن الثقافة تلعب دوراً في تبني عملية الإصلاح ودفع مسيرته لأن الأمر يتوقف على طبيعة تركيبة المجتمع ونوعية مؤسساته والقيمة الاخلاقية والسلوكية فيه، وعلى سبيل المثال نجد أن المجتمعات القبلية والطائفية ترفض التغيير وتقاوم التحديث وذلك لأن الولاء فيها يكون للقبيلة ونظمها ولا يكون للأمة أو الدولة وهو ما ينعكس على مفهوم المواطنة من حيث الحقوق والواجبات، ويكون الإصلاح في هذا الشأن هو تبني مبادرة تسعى لخلق مجتمع وطني وهو أمر يحتاج لثقافة جديدة ثقافة وطنية تخلق روح وطنية تتبنى قيم الحوار والتسامح وقبول الآخر ونبذ العنف والكراهية واحترام سيادة القانون وقبلها قناعة الإنتماء للوطن.
إن عملية الإصلاح تحتاج لتأهيل مؤسسات مثل الأسرة ومؤسسات التعليم والمؤسسات الدينية ومؤسسات المجتمع المدني لتكون مؤسسات إصلاح وبناء وتنمية وتطور، فالاصلاح يحتاج لحركة نضال.
…يتبع.
Leave a Reply