
عبدالله رزق أبوسيمازه
ليس متوقعًا من الخيرين، الذين يستجيبون لنداء المنادي :
يا أبو مروة !!
!! Ya_Abumru.ua
أن يتجهوا، من ساعتهم، لوزارة الشؤون الاجتماعية، أو الإنسانية ، أو هاك، لاستخراج التصاريح اللازمة، للتواصل مع المنادي، لمعرفة حاجته ، وتلبيتها . سواء كانت تلك الحاجة حريقًا التهم منزله، أو سيلًا اغرقه، أو جمعًا من الأشرار هاجمه بقصد السرقة أو القتل !
لا يتوقع حدوث ذلك في زمن السلم . ومن الطبيعي، ألا يتوقع
يحدث في زمن الحرب، غداة سبقت الحكومة، ومعها أجهزتها المختصة، مواطنيها، إلى مراكز الإيواء، التماسًا للنجاة وللسلامة والأمان ، تاركة إياهم في عراء الحاجة الماسة والجوع الكافر والإملاق.
فمن رحم الاستجابة الفورية للطارئ ، لنداء أبومروة، المأثرة النابعة من تراث المروءة السودانية، لا من المواضعات البيروقراطية، خرج متطوعو نفير، وشارع الحوادث، والتكايا ولجان الطوارئ ، وغيرهم من الشباب، في ساعات الحاجة العاجلة أو الخطر الداهم ، لنجدة المحتاجين، وليطعموهم – بفضل الله – من جوع .
وبدا ، كان قرار ولاية الخرطوم بإغلاق التكايا ، وغيرها من لجان الطوارئ، ومبادرات العون الإنساني، التي ابتدعها الشباب ، ليشغلوا الفراغ الذي خلفته الإدارات الحكومية النازحة ، بإغاثة مواطنيهم ، يستهدف اغتيال أبومروة، روح العمل الطوعي، وغير بعيد عن لعنة استخدام التجويع كسلاح، الذي لجأت إليه أطراف الحرب ، حسب رصد منظمات إنسانية عالمية . قد يبدو توجه القرار نحو تقنين مبادرات الاستجابة الإنسانية سليمًا، مبدئيًا، لكنه سيئ التوقيت، لأنه يستبق مقدمات لابد منها :
فقد صدر قبل أن تتوقف الحرب . وقبل أن تعود الحكومة النازحة، مع أجهزتها المختصة ، من منفاها الاختياري ، وتأمن وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين من الحرب ، الذين يعيشون على حافة المجاعة، وتقدرهم الأمم المتحدة بأكثر من عشرين مليون سوداني ، ومن ثم تهيئ الأوضاع لعودة المواطنين، إلى ديارهم، ببسط الأمن، وتوفير المياه والكهرباء والاتصالات وخدمات الصحة والتعليم، وتعود الحياة إلى طبيعتها . لكن الحرب لازالت مستعرة . وتطورت، بحيث لم يعد ثمة مكان آمن . وفي حين تمتنع حكومة الأمر الواقع النازحة، عن العودة لمواقعها السيادية والرمزية في القصر الجمهوري، والقيادة العامة ، وقاعة الصداقة، وبيت الضيافة ، والنادي الكاثوليكي وغيرها، تحث المواطنين، المشردين بين مراكز الإيواء ومواطن اللجوء ، وتقلق مضاجعهم ، بالإلحاح على العودة لمنازلهم، من أجل أن تحقق كسبًا سياسيًا وإعلاميًا بخسًا، قد يكلف أولئك المواطنين أرواحهم . فقرار الخرطوم بحل التكايا ، بزعم تقنين أوضاعها، ليس سيئ التوقيت، حسب ، وإنما هو سيئ المقاصد والنوايا ، أيضًا . فهو يتزامن مع حملة نشطة لملاحقة متطوعي التكايا والطوارئ، في أكثر من ولاية : في كادقلي والنهود ، سبقتها أخريات، في العاصمة . ويكاد القرار الولائي ، وهو يضيق واسعًا ، ان يجرم عملًا من أعمال الخير، بدوافع غامضة . ومع ذلك لا تخفى من وراء سطوره الرغبة المبيتة لمصادرة العمل الطوعي ، واحتكاره، والاستيلاء على موارده المالية المتاحة .
فيا أبو مرة : الجبل..!
Leave a Reply