
دكتورة سلمى نايل
في زمنٍ اشتدت فيه العواصف وقلّت فيه الأصوات الصادقة، بزغ نجم الإعلامية الليبية حنان المقوب كحكاية استثنائية من النقاء، والعزم، والصبر. امرأة تشبه الوطن حين يكون جريحًا ويبتسم، وتشبه النيل حين يفيض عطاء، وتشبه النور حين يتسلل من شقوق الظلمة ليعيد الأمل لمن ظن أن النور قد انطفأ.
ليست مجرد إعلامية تسكن الأستوديوهات وتقرأ الأخبار، بل هي رواية حية، كتبت فصولها بشجاعة القلب، ونقاء الروح، ووضوح الرؤية. حنان تحدثت عن رحلتها بصدق نادر، دون رتوش، دون زينةٍ لفظية، دون تزويق للوجع، ولا إخفاء لانكسارات الطريق. حكت الألم كما هو، والخذلان كما كان، والانتظار كما أدمى، ثم بثّت في كل ذلك روحًا تقول لكل امرأة: “الفرج قريب، وإن ضاقت الأرض بما رحبت.”
حنان المقوب لم تكن فقط مرآةً لحقيقتها، بل كانت مرآةً لأحلام آلاف النساء العربيات، خصوصًا في زمن صعب، يطفو فيه القهر وتكتم فيه الأصوات. كانت وما زالت منارة تلهم كل من عانت وتعثرت وظنت أن النهاية قريبة، لتخبرها أن في نهاية النفق ضوء، وفي كل ابتلاء بذرة لفتح قريب.
ومن قلب ليبيا، خرج صوتها يبعث في النساء طمأنينة لا تشبه إلا صلوات الأمهات، ويهمس لهن بأن الله لا ينسى، وأن كل دمعة هي رسالة، وكل انتظار له موعد، وكل ضيق له حكمة.
حنان المقوب، بوجهها الباسم رغم كل العواصف، وروحها المشرقة رغم العتمة، علمتنا أن القوة لا تعني الصراخ، وأن الأمل لا يحتاج إلى منابر عالية، بل إلى صدق عميق. صنعت من قصتها منصة لكل امرأة تبحث عن معنى، ولكل إنسان يتلمس الطريق وسط دخان الفوضى.
إنها ليست مجرد اسم في سجل الإعلام، بل اسمٌ في سجل الأبطال. بطلة من نوع خاص، لا ترفع شعارًا، بل تحمله بصدق. لا تهتف للشعارات، بل تجسدها. تستحق أن تُدرّس تجربتها في قاعات الإعلام وأروقة الحياة، لأنها ببساطة جمعت بين الرسالة والرحلة، بين الجرح والضماد، بين الألم والأمل.
سلامٌ لحنان المقوب… وسلامٌ لكل امرأة آمنت مثلها أن ضيق الدنيا لا يدوم، وأن الله لا يترك قلبًا صادقًا دون أن يمدّه بيد الفرج.
Leave a Reply