تطواف

شعر:حماد يونس كوكو

لليل في دلنج المدينة ذكريات
وكذا الصباحات الندية
تسوقنا حتى براح الأمسيات
لا زال خطوي في ثراها كالوشم
لم تمحها محن الزمان ولا التراب
لا في جدرانها خطي
وفي ساحاتها ركضي
وفي كل الملمات الجليلة بصمتي
كل البيوت بيوتنا
والناس في تلك المدينة كالجسد
الناس أولاد البلد
ولا حسد
مضت الحياة وما مضى لهفي لها
دارت بنا الأيام دورتها وما تناقص حبها
كلما بعدت أو طوت المسافة لهفتي
قربت وضج الصمت في ليل الرحيل الاغتراب
في داخلي بنت مشاعلها كزخات المطر
تنسل من هدب السحاب
كنشوة على شفاه عبقري أسكره الشراب
كفرحة تطوق الحضور لحظة الإياب
جئت كقطرة الماء إذ يعود للبحر
والظلال للشجر
والنسور للهضاب
أجول في طرقاتها أدق كل باب
هي آمنا وتحت أقدامها جنتان
أرضها وعرضها
وأنا في كليهما شهيد
متيم مريد
يسوقني القصيد
وما تبقى من بوح الأمس في خاطر الأحباب
كم ضمنا سعة الملاعب والمسارح
وفورة الشباب
هي الدلنج كيفما بدت لا تعرف العتاب
لا تعرف الخراب
طوقوها بالجوع والحصار والعذاب
ونعق في أطرافها البوم والغراب
وحرموا صغارها من موارد العلم
والطعام والشراب
وصار السؤال في مدينتي بلا جواب
تقوست ظهورنا كبر همنا وشاب
توقفت حياتنا بين واقع الرصاص ووحشة الخطاب
وبات حلمنا سراب
مدينة تسد رمقها ما تجود به شهامة الدواب
مدينة محاصرة
تصنع من غضبها المقدس دوي موت
ووجودًا عتيًا بأعنف صوت
ليسمع الجميع غضبتها وابتسام شموخها
رغم ظلم بني القربى في مواكب زفافها المقدس
فأي وفاء سيبقى لدى الذين يتلفتون
عبر مرايا الغبار
أي نضال ذاك الذي يتسلى بالدمار
وبرؤية أنفاسنا المزعنة
وأيامنا الواهنة
ونعبق رغم كل هذا من رحيق ذكرياتنا
لنمحو زيف أزمتنا المحزنة

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.