
وجدي صالح
نيرون , ذلك الإمبراطور الروماني الذي يضرب به المثل في التسلط والديكتاتورية ذا أفكار غريبة وقيل أنه خطر في باله أن يبني أكبر ملعب للمصارعة في روما بأرضية من الرمل الأحمر.
واجهته مشكلة، وهي أن روما لم يكن فيها رمل أحمر، وكان الرمل الأحمر في ذلك الوقت أغلى من الذهب. لكن نيرون أصر على تنفيذ فكرته مهما كان الثمن.
قال نيرون إنه لا يهمه، فهو يريد بناء الملعب. قالوا له: “يا سيدي، البلد ستفلس”، فأجاب: “لا يهمني”. قالوا: “الناس ستشحت”، فرد: “لا شأن لي”. قالوا: “يمكننا استخدام الرمل العادي”، فقال: “لا، أريد الرمل الأحمر”.
وبالفعل أمر الوزير أن يأخذ كل الذهب من الخزينة، ويتوجه إلى شمال إفريقيا لشراء الرمل الأحمر، ويستبدل الذهب بالرمل.
جمع الوزير كل الذهب من الخزانة وكل الأموال التي مع الناس، وأخذ السفينة ليحضر الرمل الأحمر لنيرون.
أصبح البلد بدون أي احتياطي، فاضطر نيرون لفرض ضرائب على الناس، كل أنواع الضرائب .
ثار الناس وقلت دخولهم ، واختفت البضائع، وارتفعت الأسعار، لدرجة أن الوجبة الواحدة أصبحت تكلف ما يعادل يومين من العمل. بدأ الناس يثورون ضد نيرون.
اشترى الوزير الرمل الأحمر وعاد إلى روما، وكان الناس قد بلغوا حافة اليأس.
استقبله نيرون بسرعة، وأقاموا الملعب، وقرر نيرون إفتتاح الملعب وبدأ شعراء الإمبراطور نيرون والراقصون والطبالون يجوبون الشوارع لدعوة الناس لافتتاحه ومشاهدة المصارعة. تجمع الناس وبدأت المصارعة، واندمج الناس ونسوا الأكل والشرب والقمح.
مال نيرون على الوزير وقال له : “هل رأيت كيف جعل الشعراء والطبالون والراقصون الناس ينسون؟” وضحك نيرون، وهز الوزير رأسه موافقًا .
ولكن بعد أشهر، اشتعلت روما كلها، وهاجم الشعب قصر نيرون. هرب الحراس والوزير والشعراء والطبالون، وتسلّق الشعب أبواب القصر ووصلوا إلى النوافذ. احتجز نيرون في غرفة وانتحر، ولم ينفعه الملعب ولا الرمل ولا الادعاءات الزائفة بالسيطرة على الشعب .
_______________________
إنه، مهما تم تغييب إرادة الشعوب بالرسائل الإعلامية المضللة وتوهم القادة الديكتاتوريين المتسلطين على رقاب الشعب بالسيطرة عليه، سيأتي اليوم الذي ينتفض فيه الشعب ويفرض إرادته ويغير الواقع المفروض عليه، إن إرادة الشعوب هي الإرادة والقوة التي لا تقهر .
التاريخ به الكثير من العبر فهل من معتبر يابرهون
Leave a Reply