
د. أحمد الليثي
تنتهي الحرب، حين يكفّ الدم عن مناداة الدم،
حين تعود الأم لاحتضان الليل بلا خوف،
وحين لا يُولد طفلٌ وفي عينيه سؤال عن قبر أبيه.
تنتهي الحرب،
حين يُطفئ اللهب شهوته في الخراب،
وحين يصبح الصمتُ صلاةً لا خوفًا،
وحين تكفّر الأرض عن خطاياها بالزهر، لا بالجثث.
تنتهي الحرب،
لا عندما تسكت البنادق،
بل عندما لا نعود بحاجة لحملها،
وحين لا يُضطرّ الجندي إلى دفن قلبه تحت درعه.
تنتهي الحرب،
حين لا يعود الصباح متوترًا كعصبٍ مكشوف،
وحين لا تُقاس الحياة بعدد الأحياء،
بل بعمق ما فيهم من سلام.
تنتهي الحرب،
حين نسمّي القاتل باسمه، لا ببطولته،
وحين لا نحتاج إلى نشيد كي نُثبت أننا أحياء.
تنتهي الحرب،
حين يجلس الأعداء على طاولةٍ من خشبٍ قديم،
ويضع كلٌّ منهم يده على قلبه، لا على الزناد،
ويصمتان، لا خوفًا، بل احترامًا لما فُقد.
تنتهي الحرب،
عندما نكفّ عن السؤال: من ربح؟
ونبدأ بالسؤال: من بقي؟ ومن سيُشفى؟ ومن سيغرس أول زهرة في الأرض التي نجت؟
لكنها لا تنتهي حقًا…
حتى نخلع من داخلنا بذرة العنف،
حتى نكفّ عن الحنين إلى انتصارٍ فوق رماد الآخرين،
ونغفر… دون أن ننسى.
Leave a Reply