بيان تجمع المعلمين الديمقراطيين حول أوضاع التعليم في السودان في ظل الحرب

■ ظلت بلادنا منذ اندلاع الحرب الكارثية، في 15 أبريل 2023، تعيش أوضاعًا مأساوية في كافة مناحي الحياة، وتجلّت آثار هذه الحرب بشكل خاص في قطاع التعليم، إذ ألحقت الحرب دمارًا هائلًا طال البنيات التحتية، من مؤسسات تعليمية ومدارس ومعاهد وجامعات، وامتدّ هذا الدمار ليشمل حرمان ملايين من الطلاب من مواصلة التعليم، والالتحاق به، في أوسع كارثة تعليمية تمرّ بها البلاد في تاريخها الحديث، بفعل الحرب المباشرة وأعمال النهب والتخريب المتعمّد أو التوظيف السياسي لحقوق الطلاب والطالبات.

■ لقد أدّت الحرب إلى تعطيل العملية التعليمية في عدد من الولايات التي شهدت العمليات العسكرية، أو تلك التي استقبلت أعدادًا كبيرة من النازحين واللاجئين، مما أدى إلى تهجير ونزوح ولجوء وتسرب آلاف الطلاب من الدراسة، وجعلهم في أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة، في ظل غياب كامل لبرامج الاستجابة الحكومية العاجلة، وانعدام أي خطط وطنية لإنقاذ التعليم. وتذكر تقارير اليونيسف أن أكثر من 19 مليون طفل في السودان خارج المدارس، وأن آلاف المدارس دُمرت أو تم احتلالها.

■ توقّفت العملية التعليمية تمامًا في العاصمة الخرطوم ودارفور وكردفان، وأجزاء واسعة من الإقليم الأوسط والشرقي، بينما استمرت بشكل متقطع في بعض الولايات، إلا أن الوضع ظل هشًّا للغاية، في ظل انعدام الاستقرار وتوقّف المرتبات، وضعف البنية التحتية، والبيئة المدرسية الطاردة، وانعدام الكتاب المدرسي، وعدم توفر الوجبة المدرسية، وغياب الدعم النفسي، وعدم توفر السكن والإعاشة، وانعدام وسائل الترحيل، خاصة للطلاب النازحين.

■ وفي جانب آخر، فقد شهدت امتحانات الشهادة السودانية فوضى كبيرة، وتراكم عدة دفعات لجلوس امتحانات الشهادة السودانية (دفعة 2023، ودفعة 2024، وتأجيلات أخرى في مناطق النزاع)، مما خلق ضغطًا نفسيًّا واجتماعيًّا على الطلاب والطالبات، وأفقد الشهادة السودانية قيمتها، واستقرارها، وعدالتها، وهي تمضي الآن نحو مزيد من الانهيار، وسط صمت مخزٍ من سلطات الأمر الواقع.

■ أما أوضاع المعلمين، فقد وصلت حدًا من المعاناة غير مسبوق، من حيث توقف المرتبات، وانعدام التأهيل والتدريب، وغياب بيئة العمل الآمنة، ومشاكل السكن والإعاشة، وتدهور الأوضاع النفسية والاجتماعية والصحية، في وقت يتم فيه الاستغناء عن المعلمين المؤهلين، وتعيين آخرين غير مدرَّبين، بما يهدد جودة العملية التعليمية ومصداقية الشهادات الوطنية.

■ إننا في تجمع المعلمين الديمقراطيين، إذ نرصد هذا الواقع الكارثي، نؤكد أن لا مخرج من هذا الانهيار إلا بإيقاف الحرب فورًا، وفتح المسارات الإنسانية، والضغط الوطني والدولي لإعادة العملية التعليمية، وضمان استمراريتها، ووضع التعليم في قلب أولويات المرحلة القادمة، كأحد أهم الحقوق الأساسية.

■ كما ندعو إلى:

تفعيل برامج الدعم النفسي للأطفال والطلاب الذين عاشوا آثار الحرب والنزوح واللجوء.

إعادة تأهيل المدارس التي تضررت بسبب الحرب.

مراجعة سياسات التوظيف، وتدريب وتأهيل المعلمين.

ضمان استقرار الشهادة السودانية وعدالتها.

تأسيس صندوق وطني لإعمار التعليم، تشارك فيه الدولة والمنظمات والقطاع الخاص.

إشراك المعلمين والتربويين في رسم سياسات ما بعد الحرب.

■ ختامًا، نؤكد أن واجبنا كمعلمين، وتربويين، ومجتمع، ومواطنين، أن نقف بكل قوة في وجه الحرب، وندافع عن التعليم كحق إنساني أساسي لا يمكن التنازل عنه، وأن نناضل من أجل سودان السلام والتعليم والديمقراطية.

تجمع المعلمين الديمقراطيين
مايو 2025

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.