
بقلم: خالد ضياء الدين
• أي لعنة وأي مصيبة تلك التي تسبب لنا فيها هذا المحمول الذكي أبو كاميرا، الذي حوّلنا إلى أغبياء.
• تصادفك حادثة مرور، فتهتم بالتصوير وتترك المصابين بلا مساعدة، ترى طفلًا ينهشه كلب ضال، فتوثق الحادث وتهتم برفعه في صفحتك كسبًا لأعداد المشاهدة.
• أما هذا “التيك توك” وفيديوهات السودانيات، وظاهرة الفنانين والراقصين الأولاد (مجازًا)، وصفحات الإباحية والسفه، فهذا أمر آخر يحتاج وقفة. غير أن الذي أريد الوقوف عنده الآن هو الاعتداء اللفظي وتصوير الأشخاص رغمًا عنهم، مع توجيه الإساءات وتوزيع الاتهامات، وقد أصبح معتادًا حمل الكاميرا ونشر فيديوهات تُسيء للآخرين.
• وقد استوقفتني بالأمس حالة الإساءة لمواطنين إماراتيين في دولة أوروبية من طرف سودانيين، والتحريض عليهم واتهامهم بالعمالة والمساهمة في حرب السودان!!!
• ما ذنب الشعب الإماراتي فيما تفعله حكومته؟
• وما ذنب الشعوب بما تميل إليه وزارات دفاعها إن هي دعمت طرفًا على الآخر أو تآمرت على اقتصاد دولة؟
• هل استفتت تلك الحكومات شعبها فوافق؟ وهل فتح المواطن خزائنه وفوّض حكومته ودعمها لتقوم بدورها بتسليح طرف على الآخر أو التآمر على دولة؟
• يجب التفريق بين الشعب والحكومة، بين الحاكم والمحكوم المغيّب المقهور، خاصة في الوطن العربي ودول العالم الثالث، فهو ضحية وليس معتديًا.
• شعب الإمارات ظل على الدوام يقدّر ويحترم الشعب السوداني، فكم من الخيّرين الإماراتيين قدموا ويُقدّمون حتى اللحظة من أموالهم صدقاتٍ لوجه الله، يبنون المساجد، ويتبنون الأيتام والأسر الفقيرة، ويحفرون آبار المياه في مناطق تعجز حكوماتنا عن الوصول إليها، وينفقون في السر والعلانية.
• شعب الإمارات احتضن السودانيين أثناء الحرب وقبلها، فلماذا نسمح لإعلام الحرب بتحويلنا إلى سفهاء نقابل شعبًا ما أساء لنا يومًا بمثل هكذا تصرف يسيء إلينا قبل أن يسيء إلى شعب الإمارات؟
• كم من قصص تُروى عن كرم الشعب الإماراتي، والسمعة الطيبة للشعب السوداني هناك، وكم من متهور ضعيف الفهم، قليل الحيلة، محرض، لا يعلم (أو لعله يعلم) أن تصرفه هذا ينسف علاقات تاريخية بين شعبين في قطرين شقيقين.
• “لا سلّم الله الإمارات!!!”
قصيدة كريهة تدعو بالشر على شعب كامل، فيها من الكراهية ما يكفي لأن ترى الدم يخرج من بين أسنانك إن ألقيتها.
• لماذا “لا سلّم الله الإمارات”؟
إن كان الحاكم ظالمًا، فما ذنب الرعية المحكومة؟ وفيهم الشيخ الضعيف والطفل، وفيهم عباد ومحبون للخير، مناعون للشر.
• لماذا تعامل ذلك الشخص المسيء مع هؤلاء الإماراتيين بالسب؟ والغريب أنه طردهم كأنه في منزله أو في السودان!
• لماذا لم نشاهد فيديوهات تُسيء للأمريكان وحكومتهم، وهي التي قامت بقصف العاصمة، وحطمت مصنع دواء، وأخرى قتلت سودانيين داخل أرضنا في الخرطوم وبورتسودان وعلى الحدود؟
• لماذا كل الفيديوهات المسيئة لبعضنا البعض تحدث في دول هي التي تسرق وتنهب حكوماتها خيرات شعبنا، وتتآمر مع حكوماتنا ضدنا؟ إنه الضلال والتضليل والسفه السياسي وسوء الأخلاق، والنسخة الحديثة من السودانيين الذين شوّه خطاب الحرب سلوكهم.
• اللهم سلّم الإمارات والسعودية ومصر والسودان وكل شعوب الدنيا… اللهم لا تحاسبنا بما يفعل السفهاء منا.
• إذا كنت تريد الثأر من حاكم الإمارات، فاقصد الفيل ولا تطعن الأرض تحته. اهتف ضد الحكومة الإماراتية، وإذا شئت فافعل ما تريد، ولكن لا تستقوِ على مواطن أو مواطنة إماراتية، ولا تُرسل التهم أو تنشر خطاب الكراهية ضدهم.
• لقد غيّرت الحرب أخلاق بعضنا، وليس كلنا، فبحمد الله ما نزال نحمل الخير لبعضنا ولمن حولنا.
أما الذين لا يعرفون غير خطاب الكراهية، فإنما يعبّرون عن ذاتهم المريضة التي تبحث عن ضحية تعتدي عليها، وإن لم تجد، فهم كالكلب يجري خلف ذيله ليعضه.
• اعتذاري (للشعب) الإماراتي وليس لحكومته، فقد تمّت الإساءة لإماراتيين من سوداني يحمل جوالًا بكاميرا، يتباهى بأنه أساء لشعب الإمارات، بينما يقوم مرضى آخرون بنشر الفيديو فرحين بما ظنوه صولة الأسد، بينما هو انتفاخ أحمق وهتاف في غير موضعه.
• الآن توجد في الإمارات آلاف الأسر السودانية، وقد قامت حكومة السودان باتهام حكومة الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بالسلاح وأعلنت وقف علاقاتها الدبلوماسية من طرفها.
• فهل يُقبل أن يقوم إماراتيون بحمل هواتفهم النقالة ليصوّروا طردهم للسودانيين من الإمارات ومحاسبتهم على موقف حكومتهم؟
هل نرضى من إماراتي اتهام مواطنين سودانيين بالعمالة؟
مالكم، كيف تحكمون؟
Leave a Reply