المدارس الخاصة معاول بناء أم آليات تجريف

من أكبر الأخطاء الاستراتيجية التي ارتكبها نظام المخلوع في حق الشعب هو اعتماد سياسة الخصخصة على نطاق واسع، في بلد يعاني العطالة وضيق مواعين العمل، خاصة بعد أعمال سياسة التمكين لمنسوبي المؤتمر الوطني وإحالة الآلاف لما يسمى بالصالح العام، الذي خرب مؤسسات الدولة وغذاها بالفساد والمفسدين وأفقدها الخبرات والكفاءات، حتى ظهرت طبقة من الأثرياء الجدد الذين اغتنوا بمال الشعب وشكلوا بؤرًا من النفعيين الطفيليين على حساب من أفقرتهم سياستهم.

لقد أهمل نظام البشير وزبانيته أمر التعليم بتغيير المناهج والوقت، وعدم دعمه، حتى باتت مهنة التدريس طاردة والمدارس الحكومية مهملة، للتوسع في التعليم الخاص، الذي وجدت مدارسه أرضًا خصبة، بعد أن تخلت وزارة التربية والتعليم عن مسؤولياتها في مجانية التعليم وكفالته.

خرجت مؤخرًا المدارس الخاصة بفكرة العزل الأكاديمي في الفصول الممتحنة (سادس أساس وثالث متوسط)، الذي خلق هامشًا في ملاك الصف، ما انعكس سلبًا على نفسيات الطالب، وأدى إلى وأد العملية التعليمية في صورتها العامة.

كان المسعى من غرض فرز الطلبة في الصفوف النهائية تحقيق تفوق نسبي بين المدارس الأخرى، وفي مضمونه سعي إلى حصر التعليم وسط نخب محدودة من المتفوقين يتم التركيز عليهم واستقطابهم للمدارس مجانًا لتحقيق سمعة للمدرسة عند تفوقهم في امتحانات الشهادة.

لسنا ضد القطاع الخاص بشكل عام، فهو أحد القطاعات، ولكننا ضد السياسات التي تتخلى بموجبها الدولة عن إحدى أهم واجباتها تجاه المواطنين ودافعي الضرائب، وضد تحويل التعليم من حق وواجب إلى سلعة، وعلى المفاهيم السالبة للعملية التعليمية والتربوية، التي تمنح الأفضلية لمن يدفع على حساب الأغلبية، التي لا تملك ما تدفعه مقابل الاهتمام والمتابعة، الأمر الذي يجرد التعليم من ديمقراطيته ويغذي سياسة احتكار التعليم للأغنياء والمقتدرين، بما يشبه سياسة المستعمر الذي خطط لتقسيم المجتمع ليسهل عليه استنزاف موارده.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.