
يُعد نادي بيراميدز تجربة فريدة في عالم الاستثمار الرياضي بكرة القدم. بدأت هذه التجربة عندما كان النادي يُعرف باسم “الأسيوطي سبورت”، وكان مملوكًا لرجل الأعمال محمود الأسيوطي. وفي عام 2018، ومع تصاعد الخلاف بين إدارة النادي الأهلي المصري والمستشار تركي آل الشيخ، ظهرت النواة الأولى لفكرة بيراميدز، حيث تم شراء النادي وتغيير اسمه، وتأسيس مجلس إدارة جديد برئاسة حسام البدري، المدرب السابق للنادي الأهلي.
توالت التطورات سريعًا، إذ باع آل الشيخ النادي لاحقًا للمستثمر الإماراتي سالم سعيد الشامسي، لتستمر مسيرة بيراميدز كمشروع استثماري في كرة القدم. واليوم، يصل النادي إلى نهائي بطولة كأس أفريقيا، في إنجاز لم يكن متوقعًا قبل أعوام قليلة.
نجاح مثير للدهشة… ولكن!
ورغم أن التجربة تبدو ناجحة على السطح، فإنها – من وجهة نظري – قد لا تصمد طويلًا للأسباب التالية:
1. نشأة غير طبيعية: تأسس النادي كرد فعل انفعالي وفي سياق تحدٍّ، وليس كامتداد طبيعي لكيان جماهيري صاحب تاريخ.
2. غياب القاعدة الشعبية: لا يمتلك النادي جماهيرًا ولا إعلامًا رياضيًا مؤيدًا أو عضوية حقيقية؛ إذ يتمركز كل النفوذ في رأس المال.
3. انعدام البناء القاعدي: يفتقر النادي إلى فرق براعم وناشئين وشباب، ويعتمد بشكل كامل على شراء اللاعبين الجاهزين.
المال يصنع الفارق… لكن ليس دائمًا
التجربة تشبه، إلى حد بعيد، ما يحدث في أندية القمة السودانية مثل الهلال والمريخ، التي تعتمد على أموال الأفراد. إلا أن بيراميدز تفوّق لأنه منح الإدارة الفنية لأهل الاختصاص بقيادة حسام البدري، على عكس التجارب المحلية التي يتحكم فيها من يدفع المال دون خبرة كروية. لذلك، نجح بيراميدز مؤقتًا، بينما تعثرت إدارات الأندية الكبرى عندنا.
مشروع هشّ أمام تقلبات المال
رغم النجاحات، لا يمكن ضمان استمرارية المشروع. وقد أشار الصحفي النذير إبراهيم إلى هذه الفكرة من قبل. فلو خسر بيراميدز نهائي كأس أفريقيا، وقرر الشامسي – مالك النادي – الانسحاب وبيع الأصول واللاعبين، فلن يتمكن أحد من منعه. فالنادي مملوك بالكامل لفرد، بخلاف الأندية الجماهيرية التي تقف فيها القواعد الشعبية حائط صد أمام القرارات الفردية.
دروس من الهلال السوداني
في السودان، عندما فكر رئيس نادي الهلال الأسبق، صلاح إدريس، في بيع ملعب الهلال وتحويله إلى أراضٍ تجارية، رفضت الجماهير بشدة، ووقفت ضد الفكرة رغم وجاهتها الاقتصادية. عاطفة الجماهير المرتبطة بالمكان والكيان انتصرت، وهذا ما لا يتوفر لنادي بيراميدز.
بيراميدز تجربة ناجحة حتى الآن، لكنها تظل مهددة بعدم الاستمرار لافتقارها إلى الجذور، وقابليتها للزوال بتقلب قرارات المالك. الفارق الجوهري بين الأندية الجماهيرية وتلك المملوكة لأفراد يتجلى في مثل هذه التفاصيل الدقيقة
Leave a Reply