
البعث لغةً:
هو الإيفاد أو الانتداب أو الإرسال برسالة بقصد إيصالها، وقد ورد كذلك بمعنى: “أثرته فثار”.
البعث اصطلاحاً:
ورد في القرآن الكريم بمعنى الإحياء والنشر، كما في قوله: يوم النشور، أي يوم القيامة.
البعث في فكر الحزب:
1. البعث هو استنهاض الإنسان، واستعادة قيمه وأخلاقياته وقدراته، وإطلاق طاقاته وتوظيف إمكاناته.
2. هو تجسيد لدور الأمة كحاملة لرسالة خالدة، ذات مضمون إنساني، حضاري، ديني وقيمي.
3. البعث هو عودة الأمة إلى حقيقتها، واتصالها بإنسانيتها، وبعطائها الحضاري الثر.
4. هو أمة الحوار الحضاري، لا الصراع بين الحضارات؛ وبدعوته للوحدة العربية، لا يسعى للانعزال عن الأمم، بل لحفظ الهوية الحضارية الخاصة، والانفتاح على الآخرين من باب التنوع لا الانغلاق، فهو ليس دعوة عنصرية، بل دعوة للوعي بالذات والخصوصية الإنسانية.
5. البعث يرفض دعوة “العولمة” القادمة من “الرأسمالية المتوحشة” والتي تبررها بقولهم إن العالم أضحى قرية صغيرة بفضل التكنولوجيا الحديثة. هذه الدعوة تستهدف تذويب الخصوصيات القومية والثقافية، ودفن الإرث الحضاري، وحتى إغراق اللغات، التي هي أدوات تفكير قبل أن تكون أدوات تعبير. فالعولمة تمثل محاولة لتهويد العالم وأمرَكة السياسات، وتمكين من يملك المال ليملك القرار.
بينما يرى البعث أن هدفه وهدف كل إنسان هو تحقيق “الإنسانية الكاملة” عبر تحرير الإنسان من الجهل والتخلف، وإطلاق طاقاته الروحية والقيمية المرتبطة بالقيم المادية. لذا فإن الحرية تمثل القيمة العليا، لأنها تُمكِّن من تحقيق “إنسانية الإنسان”، ولهذا فإن مشروع البعث في البناء الاشتراكي يكتسب خصوصية تراعي حاجة الأمة، وتنظر إليها كجزء من كيان إنساني أوسع.
من هذا الفهم لمفهوم “البعث”، نُدرك أهمية “الوعي الرسالي” بهذا المفهوم، والذي لا يتحول إلى واقع معاش إلا من خلال شروط أساسية لا بد أن تتحقق في المناضل البعثي، ليكون نموذجًا للمنشود، وصورة حاضرة للمستقبل المطلوب.
1. الإيمان:
بالإيمان يحضر العقل والقلب معاً. البعث مع الإيمان وضد الإلحاد، لأن الإلحاد موقف كاذب وضار بالحياة. هذه البديهية هي ما تمنح البعثي خصوصيته، وتُطلق لمنهجه العلمي الجدلي التاريخي القدرة على فهم التاريخ الإنساني، وإعادة كتابته، ومحاكمة كل حالاته ضمن سياقاتها الزمنية ومداخلاتها، بوعي عقلي وقلبي سليم، إذ “القومية حب قبل كل شيء”.
الإيمان بهذا المعنى يُشكّل قاعدة من القناعة واليقين تُعبّر عنها الأفعال، فلا زيف في نضالات البعثي.
2. الوعي:
الوعي هو إدراك الضرورة، وماهيتها، وكيفية تحققها. وهذا الوعي يستلزم العملية الجدلية العلمية، التي تستوعب حالة التشابك والترابط، مع القدرة على التخطي والتجاوز في إطار الاستقلالية والتكامل. فالحياة في صيرورتها واستمراريتها لا تقوم بمعزل عن ترابط الأزمنة؛ لا يحدث الحدث إلا ضمن علاقة جدلية بين الماضي والحاضر والمستقبل. من هنا كان الوعي ضرورة تؤسس لوعي الضرورة نفسها.
3. تحمّل المسؤولية والاستعداد للتضحية:
بهذا الشرط تكتمل الأبعاد الرسالية مع شرطي الإيمان والوعي. فتحمّل المسؤولية يستند إلى توظيف الإرادة، والتي لا تُفعَّل إلا عبر إطلاق الطاقات، وتوظيف الإمكانات، والوصول إلى الموقف السليم والخط السياسي الصحيح، من خلال منهج علمي جدلي تاريخي، وخطط مرحلية تحددها الأولويات التنظيمية واستجابة لقراءة المرحلة.
أما الاستعداد للتضحية، فهو ثمرة الإيمان وتحمل المسؤولية؛ إذ إن المشقة محتومة لكنها غير مرغوبة، ولهذا فإن البعثي يكون في طليعة الصف النضالي، أول من يضحي وآخر من يستفيد.