
اليوم العالمي لحرية الصحافة ليس مجرد احتفال سنوي للصحفيين السودانيين، بل هو يوم للصمود والذاكرة والأمل.
نرفض تكميم الأفواه ونواجه محاولات التضليل وحجب الحقائق.
للأسف، واقع الحريات الصحفية لم يشهد تحسناً ملموساً منذ ست سنوات.
تبنت النقابة موقفاً واضحاً ضد الحرب، وسعت لتقديم الدعم المادي والمعنوي للصحفيين المتضررين.
في ظل الحرب المدمرة التي تشهدها البلاد منذ عامين، يأتي اليوم العالمي لحرية الصحافة هذا العام، محمّلاً بمشاعر ثقيلة للصحفيين السودانيين، بين المعاناة والتشرد والانقطاع القسري عن العمل. “الهدف” التقت الأستاذة إيمان فضل السيد، عضو المكتب التنفيذي لنقابة الصحفيين السودانيين وسكرتير الحريات، بمناسبة هذا اليوم، فكان هذا الحوار:
ما مغزى الاحتفاء بيوم حرية الصحافة بالنسبة للسودان، والصحفيين السودانيين خاصة؟
اليوم العالمي لحرية الصحافة يحمل معاني عميقة للصحفيين السودانيين، ربما أكثر من أي مكان آخر، لما نعيشه من واقع صعب ومركّب. بالنسبة لنا، هذا اليوم ليس مناسبة احتفالية، بل هو يوم للذاكرة والصمود والوحدة وتجديد الالتزام بالحقيقة رغم كل التحديات.
هو تذكير بحقنا في التعبير ونقل المعلومات، وصرخة في وجه تكميم الأفواه والتضليل، كما أنه مناسبة لتكريم زملائنا الذين فقدوا حياتهم أو حريتهم دفاعًا عن الحقيقة.
رغم القمع والتضييق، يظل هذا اليوم بصيص أمل نحو صحافة حرة، ويشكل دعوة للوحدة والتكاتف بين الصحفيين للدفاع عن مهنتهم ومجتمعهم.
كيف تصفين واقع الحريات الصحفية في السودان منذ سقوط نظام البشير؟
للأسف، لا نستطيع القول إن هناك تحسنًا ملموسًا في واقع الحريات الصحفية خلال السنوات الست الماضية. الفترة الانتقالية كانت هشة، وشهدت شدًا وجذبًا بين المكونين المدني والعسكري، دون وجود منصة موحدة لاتخاذ القرار.
ثم جاء انقلاب أكتوبر 2021 ليقضي على المكاسب القليلة التي تحققت، وتُوجت سنتا الحرب بانحدار مريع في أوضاع الصحفيين، من حيث القمع والاستهداف المباشر من قبل أطراف الصراع، حتى أصبح الوضع أكثر قتامة مما كان عليه في ظل النظام السابق.
ماذا قدمت نقابة الصحفيين السودانيين للمشهد الإعلامي؟ وكيف تعاملت مع ظروف الحرب؟
تأسيس النقابة كان إنجازًا مهمًا بعد أكثر من ثلاثين عامًا من غياب التنظيم النقابي الحر. جاءت في توقيت صعب، وسط انقلاب عسكري، ثم اندلاع حرب شاملة، ومع ذلك واجهت التحديات الكبيرة بطموح ومسؤولية.
عملت النقابة على حماية حقوق الصحفيين والدفاع عنهم ماديًا ومعنويًا، ورصدت الانتهاكات التي طالتهم، من قتل واعتقال وتشريد. تبنت مواقف واضحة ضد الحرب، وشاركت في جهود مناهضتها بالتنسيق مع قوى مدنية أخرى.
كما سعت النقابة لتوفير الدعم للصحفيين النازحين داخل وخارج السودان، وقدّمت مناشدات للمنظمات الدولية والمجتمع الدولي لحماية الصحفيين وتمكينهم من أداء عملهم في بيئة آمنة.
كيف تقيّمين أداء الصحفيين السودانيين خلال العامين الماضيين من الحرب؟
يعمل الصحفيون في بيئة شديدة الخطورة، ويتعرضون لانتهاكات ممنهجة من طرفي الصراع. في مناطق الجيش، هناك رقابة صارمة وقيود على التغطية، وفي مناطق الدعم السريع يواجه الصحفيون الاستهداف المباشر.
تعرض كثيرون للاعتقال والاختفاء القسري، وتمت مداهمة مقرات إعلامية، وأُغلقت مؤسسات، بل واتُهم بعض الصحفيين بالخيانة.
ورغم هذه المخاطر، ظل عدد كبير من الصحفيين يواصلون نقل الوقائع بمهنية وشجاعة، رغم التهديد المباشر لحياتهم وغياب البيئة الآمنة.
كيف تعاملت النقابة مع الصحفيين العالقين في مناطق العمليات؟
بذلت النقابة جهودًا كبيرة رغم محدودية الإمكانيات. أنشأت آليات لرصد الانتهاكات، وأصدرت بيانات ومناشدات عاجلة، وسعت للتواصل مع الصحفيين العالقين لتقديم ما يمكن من دعم لوجستي ومعلوماتي.
كما عملت على تنسيق الجهود مع منظمات دولية معنية بحماية الصحفيين، وطالبت بتوفير ممرات آمنة.
رغم صعوبة الوصول المباشر إلى مناطق النزاع، ظلت النقابة تسعى لتوسيع مظلة الدعم، ولن تدّخر جهدًا في سبيل حماية أرواح الصحفيين السودانيين.