
بكل التقدير والاعتزاز، تتقدم هيئة تحرير صحيفة “الهدف”، الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي – الأصل، وعلى لسان رئيس تحريرها، بأحرّ التهاني والتبريكات للطلاب والطالبات الذين اجتازوا امتحانات الشهادة السودانية، في ظل ظروف قلّ أن يشهد التاريخ مثيلاً لها من المعاناة والضيق، ووسط معاناة الحرب وأزيز الرصاص وغياب الأمن والطمأنينة.
لقد أثبتم، أنتم وأولياء أموركم، وأساتذتكم ، أن الإرادة حين تتشبث بالأمل، تصبح أقوى من الحرب وإفرازاتها، وأقوى من انعكاسات الخراب والدمار النفسية، وأصدق من كل خطابات اليأس وإشاعة القنوط. ففي بيوتٍ أصبحت طللاً بعد عين، وفصولٍ من تراب وخيام، ومأوى شحيح المقومات، بلا ماء ولا نور ، استطعتم أن تنتزعوا من فم الموت المجاني، إشراقة الحياة، ومن سكون الدمار خفقة الرجاء، فكنتم، كما كنتم دومًا، ضمير الوطن الحي، وملامح الغد الواثق الٱتي.
إن تفوقكم، ليس فقط نجاحًا فرديًا في امتحان أكاديمي، بل هو إعلان جماعي بأن جذوة الحياة ما زالت متقدة في هذا البلد الجريح، وأن العقل السوداني، النبيل والمثابر، لا يخضع لمنطق منقصات الحرب ولا يذعن لقوانين الفوضى والإكراه، بل يصر على أن يكتب على سبورة الخراب والدمار آيات الأمل والتصميم التامات، ويؤسس بمداد الوعي لمستقبل يتجاوز الرصاص والإرهاب والشتات وغياب الخدمات.
أما الذين حالت بينهم وبين الامتحان نيران الحرب، أو لم يُسعفهم التوفيق في تحقيق النجاح المنشود، فإننا نراهم، لا بأعين العتب، بل بأعين المحبة والإيمان، نراهم أبناء وبنات لهذا الوطن العظيم، لهم ما لنا، وعليهم من المحبة والاهتمام والرعاية ما يليق بشراكتهم في المصير، وثقتنا أن القادم سيكون أرحب لهم، وأن العدالة والفرص ستُنصف كل من كُتِب عليه أن ينتظر بالاجتهاد والمثابرة.
وفي هذه المناسبة العزيزة، على الطلاب وأولياء الأمور والأسرة التعليمية، لا يسعنا إلا أن نرفع الصوت عاليًا: أوقفوا الحرب! أفتحوا للدراسة أبوابها، للمدارس فصولها، وللحياة مجراها الطبيعي. كفى هذا الجيل ما تكبده من خسارات وما عاشه من فواجع. إن مستقبل الأوطان لا يُبنى بالبندقية قاطعة طريق التطور الوطني السلمي الديمقراطي، بل بالعلم؛ ولا يُصان بالقوة القهرية المتسلطة على الشعب وأحزابه ونقاباته وحركته الطلابية والشبابية، بل بالمدنية والحرية والسلام والعدالة والمساوة التي عبرت عنها انتفاضة ديسمبر 2018 بطابعها الثوري.
نجدد تهانينا الحارة، لكم أنتم مشاعل الغد، ولأسرٍ صبرت وربّت وحملت الهمّ بكرامة. نبارك لكم هذا النجاح الذي يشبه شموخكم، ونتطلع معكم إلى غدٍ تعود فيه المدارس آمنة، والجامعات مشتعلة بالمعرفة والتمني، والوطن حاضنًا للعلم والنور والحرية.
المجد للعلم، والنصر للسلام، والخلود لشهداء الحركة الطلابية والمعرفة والنضال.