
أمجد أحمد السيد
في لحظة حملت عبق الوفاء ودفء العلاقات الثقافية الحقيقية احتشدت القلوب والعقول في فعالية تأبين وتدشين المجموعة القصصية مكابدات الشفيع السناري، احتفاء بالراحل الدكتور معاوية الشفيع الكاتب والإنسان الذي ترك أثرًا ناعمًا وعميقًا في دروب الإبداع السوداني كانت الفعالية أكثر من مجرد مناسبة كانت فسحة وجدانية أضاءتها الوجوه النابضة بالحضور النوعي وأسستها سماحة العلاقات وديمقراطية التفاعل بين كل مكونات المشهد من أسرة الراحل وأصدقائة إلى كتّاب وجمهور الملف الثقافي ومنصة مركز تسامح إلى الذين تابعوا عبر الفضاء الرقمي وكأنهم حضروا بالحوار ولم يكن حضور الأستاذ علي الريح السنهوري والبروفيسور صديق تاور تفصيلًا عابرًا في دفتر هذه اللحظة بل حمل في معانيه العميقة اعترافًا وتثمينًا للجهود التي بُذلت وللرؤية الثقافية التي تؤمن أن الإبداع لا يورى خلف الجدران بل يحتفى به في الهواء الطلق حيث تتنفس الكلمة حريتها ويكرم الإنسان، حتى وهو في غيابه الحاضر، لقد رسم الحاضرون لوحة مكتملة المعاني جعلت من هذا التدشين بداية واعدة لا خاتمة لحزن بل انطلاقة وفاء وجمال تحفز على مزيدٍ من العمل الهادئ العميق الذي لا يستعجل مواسم الحصاد بل يؤمن أن لكل أجلٍ كتاب ولكل محصول وفاكهة مواسمها أما مكابدات الشفيع السناري فقد ولدت من رحم التجربة وارتوت من حس إنساني مرهف وها هي تجد طريقها نحو القارئ بإرث من الحنين والصدق وبهذا المعنى فإن التدشين لم يكن إعلانًا عن كتاب بل دعوة لقراءة روح ويبقى الملف الثقافي بهذه الروح الجماعية وهذا التعدد البديع مبعث فخر واعتزاز وشهادة على أن الثقافة لا تموت بل تتجدد بأهلها وتكبر حين تدار بحب وشغف وتواضع إذا كان للغياب أن يحدث فراغًا فإن للمحبة أن تملأه وللكلمة أن تعيد تشكيل الحضور وهكذا كان التأبين والتدشين لحظة استذكار ولحظة انطلاق.