
ا
حتفالا بذكرى ميلاد حزب البعث العربي الاشتراكي في 7 أبريل (نيسان) 1947 قررت قيادة حزب البعث أن تبادر بكتابة شعارات حائط ضد نظام مايو منها( يسقط النظام الذي باع الوطن وسرق قوت الشعب) و (الخيانة الوطنية لاتنفصل عن خيانة القضية القومية) والشعار الأخير كان ضد ممالاة نميري للسادات (عليهما الرحمة) ومسايرته بعد كامب ديفيد.
ما لم يكن يتوقعه نظام وأمن جعفر نميري هو أن يختار حزب البعث تنظيماته في جبال النوبة وتحديدًا “مدينة كادقلي” لتنفيذ الفعالية، التي جعلت رأس النظام قبل أجهزته يفقد المنطق نتيجة حجم الفعالية واتساع رقعتها الجغرافية ويقرر أن يحول جعفر نميرى خطابه الشهري( بين الشعب والقائد) يوم 23 أبريل 1979 للهجوم على حزب البعث وقيادته بطريقة أكدت على سطحيته وضحالة فهمه لفكر حزب البعث و للعروبة التي ينادي بها، فراح يكيل السباب ويعرب عن عدم فهمه بالقول (يقولون أنهم عرب ويبنون خلايا لحزبهم في جبال النوبة!!!)
بهذه النظرة العنصرية والضيقة أسقط جعفر نميري فهمه القاصر للعروبة على حزب البعث.
تمكنت أجهزة أمن جعفر نميري من توجيه ضربة عنيفة للحزب الشيوعي بعد أحداث 22 يوليو 1971 بإعدم العديد من قياداته المدنية والعسكرية وملاحقة الأحياء منهم بالسجون، كما أفشلت حركة 5 سبتمبر 1975، ويوليو 1976، واستطاعت تدجين أحزاب الأمة بزعامة الصادق المهدي والاتحادي بزعامة الميرغني والإخوان المسلمين بزعامة الترابي بعد المصالحة الشهيرة وماترتب عليها من تحالف مع نظام نميري مما أدى إلى إرباك قوى المعارضة لتحدث بعدها حالة من “البيات الشتوي” المؤقت، وبالتالي أصبحت هناك ضرورة وحاجة ملحة إلى اصطفاف قوى المعارضة مجددًا لذا نادى حزب البعث في بيانه المشار إليه بضرورة العمل من أجل قيام جبهة وطنية تقدمية عريضة لإسقاط النظام المايوي، وهو ذات المطلب الذي ظل ينادي به حتى بعد انقلاب البرهان/ حميدتي في 25 أكتوبر وحرب 15 أبريل التي تقتضي وحدة قوى الثورة الحية، السياسية والاجتماعية، في جبهة عريضة للديمقراطية.
وجد حزب البعث أمامه قوى سياسية مرهقة بعد سلسلة من الملاحقات الأمنية والمحاكمات والمواجهات السياسية والعسكرية ضد نظام مايو المدعوم من دول الإقليم والجوار كذلك من أمريكا، خاصة بعد تخليه عن محور الاتحاد السوفيتي ودعمه للتط-بيع مع العدو الصه u وني.
بعد الفعالية والبيان أمر الراحل جعفر نميري باعتقال كل البعثيين والمشتبه بانتمائهم لحزب البعث، كذلك اتخذ سلسلة من القرارات الخطيرة التي طالت العلاقات السودانية العراقية، حيث قطع العلاقات الدبلوماسية وأغلق مكاتب الخطوط الجوية العراقية والمركزين الثقافي والتجاري العراقيين بالخرطوم، كما أمر باسترجاع الضباط الدارسين بكليات عسكرية عراقية، بل طالب بعودة الطلبة السودانيين الدارسين بالجامعات والمعاهد العراقية، وأما قرار عودة الطلبة فهذا مالم يجد استجابة منهم.
لقد أكد حزب البعث في البيان المشار إليه على بذله كل الجهود لجعله حاضرًا في كل الساحات لمشاركة الجماهير نضالاتها، مع عدم مصادرة دور الأطراف الأخرى من القوى السياسية الوطنية والتقدمية والحركة الجماهيرية من أجل تصعيد المواجهة الشعبية، وهو ذات الموقف الذي ظل يردده ويؤكده الآن، وما أشبه اليوم بالبارحة ففي بيان 30 أبريل 1979 تصدى حزب البعث إلى تأييد جعفر نميري لاتفاقية كامب ديفد فكان عداء نميري للبعث مكشوفًا وهو نفس الموقف عندما تصدى الحزب والعديد من القوى السياسية والاجتماعية، لمحاولات التطبيع مع الكيان الصuهيوني برفضه زيارة البرهان لعنتيبي ولقائه بنتنياهو بيوغندا ، وماتلاها من زيارات متبادلة لمسؤولين من الك-ان الص-يوني للسودان والعكس، فكانت محاولة التطاول على حزب البعث واشتداد الهجوم عليه من منابر قوى الردة والفلول، بالحديث عن كتائب حنين المزعومة واستهداف القيادات الحزبية بتلفيق التهم الكيدية والاعتقالات التي طالت الأستاذ السنهوري والأستاذ وجدي صالح ود.يوسف آدم الضي وملاحقة ٱخرين، ولكن تكسرت سهامهم الصدئة على صخرة صمود حزب البعث ونزاهة البعثيين.
لقد كانت كتابة شعارات كادوقلي وبيان حزب البعث في العاصمة وتوزيعه في ربوع السودان نقطة البداية لقيادة حزب البعث للحراك السياسي المعارض لدكتاتورية مايو وهو نضال ابتدره حزب البعث منذ بواكير انقلاب نميري.
وعندما نتحدث عن قيادة الحراك نعي مانقول فقد تلت تلك الفعاليات قيادته لتجمع الشعب السوداني، وانتزاع نقابة عمال السكة حديد وعدد من النقابات العمالية أهمها النقل النهري والنسيج في القطاعين العام والخاص، والأسمنت والمهن الصحية وغيرها.ثم توجت المسيرة الظافرة باقتراح د.خالد شاع الدين الإضراب السياسي والعصيان المدني في اجتماع الهيئة النقابية لأطباء الخرطوم، وصولًا لبيان 2 أبريل 1985 الذي وصف الانتفاضة بأنها( انتفاضة الحسم والظفر) التي لن تنتهي إلا (بإسقاط النظام الذي باع الوطن وسرق قوت الشعب) وهو تقدير أثبت صحته ولم تسبقه عليه أي قوى سياسية أو تجمع معارض.وقد كان حزب البعث قبل 1976 يتحدث عن النظام (الآيل للسقوط).
خطاب نميري بعنوان(بين الشعب والقائد) وماتلاه من بيان حزب البعث الذي يعتبر فارقة ونقطة انطلاق وتصعيد لم يتوقف إلا بنجاح انتفاضة مارس أبريل في إسقاط نظام جعفر نميري 6 أبريل 1985.
لقد كان بيانًا جريئًا ومفصليًا، ربط قضايا السودان بقضية الأمة المركزية في فلسطين وندد فيه بما أُطلق عليه في حينها (المصالحة الوطنية)، تحمل فيه حزب البعث مسؤوليته الوطنية في المعارضة لتظهر وبشكل مستمر مقارعته لدكتاتورية مايو من خلال البيانات والكتابة على الجدران ودعم مطالب العمال والمهنيين والمزارعين، كما قامت صحيفة “الهدف” بفضح النظام ومبايعة الإخوان المسلمين بزعامة الترابي ومن شايعهم للدكتاتور إمامًا للمسلمين والتصدي لإرهاب الشعب وحماية الدكتاتورية باسم “قوانين الشريعة” وما عرف بمحاكم الكفر والردة ،التي أطلق عليها حزب البعث محاكم التفتيس، إضافة إلى التبشير بفجر الخلاص من قبضته الأمنية.
لقد خان النظام المايوي الشعب مثلما خان القضية القومية فثار عليه الشعب ليمضي نظامه إلى غير رجعة.
اليوم 30 أبريل 2025 يصادف ذكري بيان البيانات، الذي خطته قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي جاعلة منه نقطة انطلاق نحو الهدف المنشود حتى توج نضال البعث والقوى السياسية الحية والنقابية والطلاب، وعبر تجمع الشعب السوداني التي ملأ ت الشوارع بالهتافات في (انتفاضة الحسم والظفر)
التحية لشعبنا الثائر ولمناصلي حزب البعث والمجد والخلود لشهداء الوطن ولمناضليه الذين قدموا التضحيات الجسام من أجل نهضة إنسانه والسلام والعدالة والوحدة والحرية والخزي والعار لأنظمة القمع والفساد، مبددة ثروات البلاد والعباد ومفرطة في الوحدة والسيادة.
30 أبريل 2025
البيان التاريخي
أسفل المقال