هنا الدلنج

شعر: حماد يونس كوكو

كلماتنا ولدت هنا
في الليل من عود الذرة
من صرخة محبوسة فوق الذرى
من دمعة مدفونة تحت الثرى
من ثدي أم لم يعد فيه لبن
أمواتنا دفنوا هنا
تحت الحصار ولا كفن
من أجل أن تتفجر الأرض الحزينة بالغضب
وتطل من جوف البيوت النائحات اغنيات كاللهب
اكبس على عمى عينيك نظارتين لكى ترى
يا ظالما حاصرتنا ظلما يسوقك نعرة الحقد البليد
أدعوك أن تقرأ وأن تمشي على كلماتنا كى لا تموت
أدعوك أن تسمع
فالصوت إن لم يجد أذنا ضاع في صمت الجليد
كلماتنا مرسومة فوق الشفق

كلماتنا مكتوبة فوق الورق
لكي تمضي بها شفة إلى شفة فتولد من جديد
فأنا الذي حوصرت حد الاغتيال
قتلوا صديقي، بعض أهلي
حرقوا منازلنا…عواطفنا
سرقوا أغنيات الليل من ضؤ القمر
هرولت اياما بلا مأوى
كي تخرج الكلمات راجفة مروعة مخيف
هرولت اياما بلا دفء وماء أو رغيف
وأنا بن ريف
رضعت من ثدي الخريف
وتلوت في ذاك السكون الشاعري حكاية الدنيا
معارك الإنسان والحزن الشفيف
وصنعت من شعري كلاما واضحا كالشمس يحرق كل زيف
والآن إذ يطوقني النزيف
تخرج الكلمات دافئة الحروف إلى المهاجر والمنافي والبيوت النازحة
إلى الذي ضاعت ملامحه بابخرة الدخان الكالحة
هيا أفق
يا من تمر ولا تقف
إلى الذي لا يلقي بالا للمدينة وهي تصدح بالألم
وتمد يدها دامعة على اصفرار كالعدم
النار تأكل بعضها إن لم تجد ما تاكلها
الموت مر
والهجر مُر
يا ويله من لم يصادف غير شمس في السماء
يا ويله من لم يحب
كل الزمان حوله ليل شتاء
لشد ما أخشى نهاية هولاء
هنا الدلنج
ونحن في قلب الحصار
أنفاسنا ميلاد نار
عيوننا جمر تمنطق بالشرار
بيوتنا صارت خنادق
أقلامنا صارت بنادق
هنا نموت
فكم طفل مضى وكم طوى الثرى هرم لم يبق معه أي زاد
من هنا سمعنا صوتنا يطوي البلاد
كالطائر الليلي يبكينا ويبذر في مآقينا السهاد
لكننا باقون
فالنصر موقوت بميقات يراه الصابرين
يجئ من موج الرياح
يجئ من فلق الصباح
كى تنب الأزهار في نفس الجميع
كي لا يحب الموت إنسان على هذي المدينة
ويجئ من مر الحصار
ميلاد إشراق جديد
ميلاد إنسان جديد