الهدف” ترصد عودة الحياة لقرى محلية الحصاحيصا: قرى بولاية الجزيرة تعرضت للتدمير والقتل والتهجير والنهب

كشفت جولة مراسل “الهدف” عن انتهاكات خطيرة تعرضت لها قرى محلية الحصاحيصا وحدة طابت الإدارية بولاية الجزيرة، تضمنت تهجيرًا قسريًا وتدميرًا ممنهجًا، إلى جانب عمليات قتل ونهب واسعة النطاق.
وشهدت هذه القرى تدميرًا متعمدًا للبنية التحتية بعد أن قامت قوات الدعم السريع بكسر قنوات الري المائية في المنطقة، ما تسبب في إغراق كامل للعديد من القرى.
‏‎ووفقًا لجولة “الهدف”، فالمياه غمرت المساجد والمنازل والمدارس، متسببةً في خسائر مادية جسيمة وتحويل المباني إلى أنقاض، فضلًا عن الأضرار البيئية الكارثية الناتجة عن ذلك.
فقد نهبت السيارات في بادئ الامر ومن ثم أعقبها نهب كل شئ حتى المحاصيل والتقاوى وأثاثات المنازل وألواح الطاقة الشمسية التي تعمل بها صهاريج المياه، بالإضافة لنهب الثروة الحيوانية بالكامل وضرب محولات الكهرباء بالرصاص لقطع أي امل في عودة التيار الكهربائي قريباً.
جولة “الهدف” كشفت أن ألواح الطاقة الشمسية والمحاصيل الزراعية التي نهبت استخدم بعضها في ردم الترع لفتح الطريق أمام السيارات المنهوبة مما خلق فجوة غذائية كبيرة لدرجة أن شوال الذرة بلغ 200 ألف جنيهاً لأول مرة في تاريخ قرى الجزيرة الزراعية في المقام الاول.
تجريف القرى:
بعض القرى أقدمت قوات الدعم السريع على كسر الترع والقنوات الرئيسية لمشروع الجزيرة فيها مما تسبب في إغراقها، مثل قرية “أم دوانة” بمحلية الحصاحيصا، بلغ عدد المنازل التي سقطت من المياه التي حاصرتها من كل إتجاه لمدة تجاوزت الأربعة شهور .
وبلغ عدد المنازل التي سقطت بالكامل حوالي 40% ولم يكن أمام أصحابها العائدين من النزوح إلا بناء بيوت من القش لتظلل على أطفالهم حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا .
تعاني العديد من القرى من مشكلة مياه الشرب فهي أولى المشاكل التي سعى أبناء القرى بولاية الجزيرة لحلها حتى يتجنبوا الأمراض الناتجة عن شرب مياه الترع التي مازالت تجرف بعض الجثاميين معها من حين لآخر.
أبناء هذه القرى عمدوا لشراء ألواح الطاقة الشمسية لصهاريج المياه وقد نجحوا خلال أقل من أسبوعين في توفير مياه شرب نقية لأهلهم.
انقطاع الكهرباء:
وتعرضت كافة البقالات والدكاكين في القرى لعمليات نهب بالكامل فقد اعتمد سكان هذه القرى على سوق المناقل الذي أصبح الوصول إليه عسيراً بسبب إغلاق الطرق (كانت المسافة لاتستغرق سوى ساعتين فقط لسوق المناقل فأصبحت تستغرق أكثر من 12 ساعة) ورغم ذلك نجحوا في توفير أساسيات الحياة من سوق المناقل لتباع في أسواق القرى الصباحية وحققت انفراج جزئي في أزمة توفير المواد التموينية.

مراسل “الهدف” رصد تدني القطاع الصحي لقرى وحدة طابت الإدارية والتي كانت تعتمد سابقاً على مستشفى طابت الذي كان الوصول إليه مستحيلاً، ومستشفى “الفريجاب” الذي توقف عن العمل تماماً لذا أصبحت الأدوية تباع في أسواق القرى بدون رقابة طبية نسبة لتوقف المراكز الصحية بالقرى عن العمل تماماً لعدم وجود أطباء، مما استدعى التعامل فقط مع مستشفى المناقل.

غياب الأمن:
رصدت “الهدف” تدهور الحالة الأمنية وذلك لغياب أقسام الشرطة في القرى المجاورة (الفريجاب وفطيس) منذ خروج الدعم السريع وحتى الآن، وقد أوكلت مهمة حفظ الأمن وفض النزاعات لشباب القرى من “المستنفرين والمرابطين” على الكباري في مداخل كل القرى.
نجحت شركات الإتصالات في إعادة الخدمة رغم تذبذها لقرى وحدة طابت الإدارية وعلى رأسها شركة زين، في الثلث الأخير من شهر فبراير 2025 مما أتاح للمواطنين التعامل بالخدمات البنكية عن طريق (mbok) في ظل انعدام الكاش على الرغم من تعامل الولاية بالعملة القديمة حتى الآن.
يتخوف سكان هذه القرى من ضياع الموسم الزراعي المقبل الذي اقترب أوانه (يبدأ الموسم الزراعي في مايو القادم) لعدم توفر آليات الزراعة بعد نهب كل التراكتورات بالإضافة إلى التخريب الذي طال الترع والكنارات.
لجأ البعض للحلول الفردية لمواجهة مشكلة غياب الكهرباء عن طريق ألواح الطاقة الشمسية، ويتطلعون إلى عودة الدراسة وترميم المدارس التي تعرضت للتدمير.
يذكر أن التواصل بين القرى يعتمد على “الكارو ”
بصورة أساسية بعد نهب كل السيارات، أما الذهاب إلى الأسواق البعيدة يعتمد على بعض السيارات التي نجت من النهب على قلتها.

*الصورة إرشيفية