
بقلم : ماجد الغوث
الفترة الزمنية الواقعة بين الأعوام 2019 لغاية 2023 من النضال الوطني في السودان، تميز البعث فيها بجهد مبذول لإرساء قواعد الديمقراطية والحكم المدني وبث الوعي الوطني والقومي الصحيح في صفوف الشباب وأبناء الشرائح الكادحة بالتنبيه إلى المخاطر التي تحدق بقضايا النضال الوطني من مؤامرات داخلية وخارجية.
وذلك تحت قاعدة وحدة الشعب وخلود رسالته الوطنية . إن قانون النضال الوطني لتلك المرحلة قام على شرطين، هما : وحدة الحركة وتنفيذ شعارات ثورة ديسمبر المجيدة.
فوحدة نضال حركة الشعب في مختلف تنظيماته السياسية والنقابية والثقافية والشبابية، كادت أن تسير في اتجاه مصلحته الواحدة، ومصيره الواحد، ككتلة واحدة في معركة وجوده مع أعداء ثورة ديسمبر ، لتتسع المشاركة الوطنية في تقرير القضايا الوطنية المصيرية.
وقف البعث حائلاً دون تحقيق هدف تكتل الرجعية – جماعة الموز رأس رمح الإسلامويين – وهي جبهة واسعة ضمت قوي الإقطاع ورأس المال والمنتفعين بسلطة الإنقاذ مع القوى الإقليمية من أجل استمرار تحكمها واستغلالها لمرافق الدولة. ومن هنا وجٌه البعث نضال الجماهير ضد هذه القوى الشريرة لدحرها وانتزاع مفاتيح الشرٌ من أيديها. النزاع الذي خاضه البعث مع حلفائه كان لضمان الوحدة الوطنية واستقرار الديمقراطية بمؤسساتها المتعددة، وعلى السيادة، ضد هذا الحلف المسخ، وذلك بعكس الصراع الذي خاضه الشعب السوداني بقواه وشخصياته الوطنية ضد المستعمر الأجنبي، فالمعركة هناك استمرت بين طرف وطني، وطرف أجنبي لالبس فيها ولا خفاء . أما الصراع هنا فجرى على أيدي فئات محترفة باعت نفسها وضمائرها إلى الشيطان ووقفت ضد مصلحة الشعب وقواه الكادحة حول قضايا مصيرية، مثل قضية الديمقراطية والوحدة الوطنية والتنمية الاقتصادية، لكي لا تتحقق مصالح الرأسمالية الطفيلية والإقطاعية الرجعية .
البعث يؤمن بأن الديكتاتورية تحمل عوامل انهيارها في نفسها، وأن الشعب تعلم من أجداده أن الناس قد ولدوا أحراراً .
وهكذا برهن البعث أنه التنظيم الشعبي الذي يفيد من تجربة النضال الجماهيري لتحقيق الأماني والأشواق الوطنية والقومية. فالحقائق العلمية والتاريخية تؤكد استحالة الانتقال من حالة إلى نقيضها إذا اكتفينا بتغيير المظاهر والأشكال، وأن عملية التغيير يجب أن تلامس الروح والفكر ، وأن تهزٌ الأخلاق وتقويها وتفجر الطاقات وتعزز الإيمان في النفوس، وذلك وفق تربية ومنهجية البعث . وبالتالي، ما عادت الشرعية مقترنة بفرد أو فئة، وإنما باختيار الناس لمن يحكمهم وفقاً لقواعد قانونية وديمقراطية .
عمل البعث خلال تلك السنوات الأربعة أن لا تبقى قضايا الشعب على هامش الحياة السياسية ، وأن الخروج من من دوامة الفراغ السياسي الذي يعيشه المواطنين في صراع السياسيين ومؤامراتهم ، لا يكون إلا بالعمل الشعبي الذي يتجه بالبلاد نحو جبهة عمل شعبي تسير بالحكم والثورة لصالح الشعب وفي خدمة قضاياه التي جعلها برامجه اليومي وذلك :
— بمحاولة تطهير الهيكل التنفيذي للدولة من الاتجار والاستغلال والمصالح الشخصية من خلال ممثليه في الجهاز التنفيذي للدولة .
— انتهاج سياسية خارجية واضحة المعالم ، سلمية الاتجاه ، تنسجم مع أهداف ثورة ديسمبر المجيدة، ذات الاتجاه التحرري الوطني والقومي، من خلال ممثله في مجلس السيادة .
— انتهاج الدولة لسياسة اقتصادية تعتمد التخطيط والأساليب العلمية ، تتجه بالبلاد نحو العدالة في التوزيع وتكافؤ الفرص لجميع المواطنين، وذلك عبر ممثل البعث في اللجنة الاقتصادية .
— إعادة الحريات والتنظيم الشعبي النقابي، وعلى أسس قوية وراسخة، استنادا إلى تاريخ وتجربته في العمل النقابي، وذلك من خلال ممثلي البعث في النقابات المهنية والمتخصصة المتعددة .
— الإيمان بالشعب ، وبالحكم الشعبي ، والإيمان بالحزبية العقائدية والقيادة الجماعية ، وتجذير النضال الشعبي المنظم من خلال العمال والفلاحين والمثقفين الاشتراكيين ، وذلك عبر ندوات البعث الداخلية والخارجية .
— التوعية لإفساح المجال أمام التنظيم الشعبي والنقابي الديمقراطي المستقل عن الحكم، واتاحة المحال لحرية الفكر والنشاط السياسي ، والتنظيم النقابي والطلابي بغرض حراسة واستعادة أهداف ومسار ثورة ديسمبر، وذلك من خلال قيادته السياسية .
— عدم تقوية أي زعيم تقليدي أو أية فئة سياسية تقوية فعٌالة بحيث بصبح هذا الفهم – مستقبلا- ضرورة لابد منها في الحياة السياسية في البلاد ، وذلك من خلال التثقيف الحزبي العام .
— تركيز السلطة الفعلية في أيدي السياسيين والوزراء والمدراء العاميين ، كمصد ضد الانقلابات العسكرية ، وذلك عبر ممثلي البعث في لجنة إزالة التمكين ..
— محاربة الطائفية وبالأخص على الصعيدين الطلابي والعمالي ، والمطالبة بتخفيض فاتورة الماء والكهرباء ومجانية الصحة والتعليم ، وذلك من خلال توعية مركزية الطلاب .
— فضح الاحتكار والاستثمار على الصعيدين الصناعي والتجاري ، والمطالبة بالإصلاحات في المناطق المحرومة من التنمية، والاهتمام بمشاكل الناس اليومية، عبر العمل الحزبي اليومي .
استطاع البعث ان يضع نقاط الوعي علي حروف برنامجه التوعوي الشعبي العام ، وكادت الجماهير أن تنجح في توحيد صفوفها حول مطالبها الشعبية الطبيعة، وبدأت فئات الشعب تزحف وبشكل ضاغط في تقوية نقاباتها العمالية ومنظماتها المدنية لإنتزاع حقوقها المشروعه لولا انقلاب 2021 ، لتبدأ مرحلة جديدة من نضال البعث الوطني تحت قواعد تجربة هذه السنوات الأربع ….