ختان الإناث… جريمة أسرية على إيقاعات الدلوكة والزغاريد

 

كتب: عبد المنعم أحمد مختار
#ملف_الهدف_الثقافي
يعرف ختان الإناث بأنه عملية إزالة جزئية أو كلية، لأعضاء تناسلية خارجية للأنثى، وتعرفه منظمة الصحة العالمية بأنه أي إجراء يجرح أعضاء الأنثى التناسلية لأسباب غير طبية، وهي قضية شائكة ومعقدة لتداخلاتها الدينية والثقافية والمجتمعية.
يلجأ السودانيون ( عدد كبير) لنوعين من الختان: الأكثر جذرية ” الختان الفرعوني” ويتم فيه عملية الاستئصال والخياطة لكل الأعضاء التناسلية، أما النوع الأقل حدة” ختان السنة”، وهي محاولة لمنح العادة غطاء ديني.
وعادة ماتخضع الفتيات لعملية الختان خلال الفترة ما بين سن الرابعة والعاشرة، ويزال فيها البظر والشفرين وغالبا يتضمن خياطة الفرج
لتضييق فَتْحَة المَهْبِل “التبتيك” “الختان الفرعوني” وتفك الخياطة ليلة الدخلة نتيجة للجماع بين الزوجين.
تصاحب عملية الختان أضرارا جسدية بعد العملية مباشرة تتمثل في نزيف حاد بغض النظر عمن أجرى عملية الختان “طبيب، قابلة أو غيرهما” وبالطبع يحدث النزيف بسبب وجود عدد كبير من الأوعية الدموية في الأنسجة بالمنطقة المعنية من جسد الأنثى، تتطور العملية لقطع الشريان البظري مما يصعب معه إيقاف النزيف وتحدث صدمة عصبية للمختونة أو حتى وفاتها، وفي حالات كثيرة تتضاعف أخطار هذا النزيف في حالة إحجام القائم بالختان عن تحويل الأنثى المعنية إلى مستشفى خشية المساءلة القانونية أو في حالة وضع مواد ضارة مكان النزيف حنة، رماد، عسل، ليمون….الخ مما يلوث الجرح ويسبب ألم لا يطاق بسبب أن الأنسجة التي بترت غنية بالنهايات العصبية…وكثير ما تفقد المختونة أثناء عملية ختانها الوعي بسبب شدة الألم والخوف وكمية نزيف الدم ممايحدث تلوث للجرح بسبب استخدام أدوات غير معقمة لإيقاف النزيف أو تلوث الجرح بسبب البول أو البراز، كل ذلك يؤدي لالتهابات يمكن علاجها وفي حالة إهمالها تتضاعف وتنتشر وتمتد عبر المجاري البولية أو قناة التناسل مما يسبب التهابات شديدة ومزمنة يستغرق علاجها فترات طويلة. وكثيرا ما تكون الأدوات المستخدمة أو أيدي من يقوم بعملية الختان ملوثة فتنقل أمراض خطيرة مثل فيروسات الالتهاب الكبدي الوبائي أو التيتانوس أو حتى ي الإيدز، بل أن هنالك احتمال أن تصاب بعض الأجزاء المجاورة مثل فتحة مجرى البول أو فتحة المهبل أو الفخذين أثناء الختان نتيجة محاولات مقاومة الفتاة للهروب ممن يقيدون حركتهاوالأدهى، والأمر هو تزايد احتمال حدوث مضاعفات آجلة للمختونة كلمت زادت درجة التشويه الجنسي…ندبات. .احتقان مزمن بالحوض…التهابات بالجهاز البولي أو التناسلي…تكون نسيج ليفي غير مرن…أورام مؤلمة تؤلم عند لمسها مما يسبب للمرأة ألما عند الجماع…تعسر الولادة نتيجة لعدم تمدد النسيج الليفي، يتمزق النسيج مسببا نزيفا حادا أو ناسور…..كما يسبب الحديث عن الختان نوع من القلق لبعض الفتيات حتى قبل ختانهن ويزداد هذا القلق كلما اقترب تاريخ ختاهن، يتحول لصدمة نفسية حين تختن وتكشف كذب إدعاءات فوائد وأهمية الختان ويزداد رعبها وخوفها عندما يقترب موعد زفافها، تكره الجماع مع زوجها نتيجة أن مركز الغريزة بالمخ يقلل الرغبة في معاشرة زوجها مما يقود للإحباط المتكرر والاكتئاب ويؤثر ذلك على الرجل نفسه مما يهدد حياتهما الزوجية بالانهيار.
دون كثير من الباحثين/ ات والدارسين/ ات أن اختيار العوائل تعريض فتياتهم للختان لأسباب ثقافية …اجتماعية…دينية لا تصمد أمام الحوار والنقاش والمنطق والعلم والفهم الصحيح للدين.فما أسخف أن في بعض المناطق يعتقد أنه إذا لم يختن البظر فإنه سينمو بين الفخذين فيبدو كالعضو الذكري والاعتقاد الأسخف الذي يدعي بأنه في أثناء الولادة إذا لمس رأس الطفل البظر فإنه سوف يموت.
أو مفهوم أن المختونة طاهرة ويسهل التحكم بها في الجماع أو الفهم المغلوط لتفاسير بعض أحاديث الرسول (ص).
نشطت محاربة ختان الإناث تشريعيًا واجتماعيًا من قديم، أصدر الحاكم التركي في عام 1845م قرارًا بإلغاء ختان الإناث وفي عام 1946م أصدر المجلس الطبي قرارًا بإلغاء ختان الإناث مدعوما من مفتي الديار السودانية ” أحمد الطاهر الفاضل” وأصدرت بعض الولايات في ظل الحكم اللامركزي إبان حكم طغمة البشير عدة تشريعات تحرم ختان الإناث ” تحت ضغوط منظمات محلية وإقليمية ودولية بالرغم من محاولات بعض المتأسلمين والتيارات السلفية للوقوف ضد تلك الضغوطات ورمي تهم على محاربي الختان للإناث بالعمالة وتنفيذ الأجندات الخارجية والسعي لتفكيك المجتمعات المحافظة بدعوى أن الختان يتعلق بالعفة والشرف حسب منظورهم.
توجت جهود ومثابرات جمعيات ومنظمات محلية ودولية بإصدار الحكومة الانتقالية في أبريل 2023م مسودة قانونية تجرم كل أشكال ختان الإناث، تم إجازتها في نفس العام ونصت على “يعد مرتكبا جريمة كل من يقوم بإزالة أو تشويه العضو التناسلي للأنثى بما يؤدي إلى ذهاب وظيفته كليا أو جزئيا سواء كان داخل أي مستشفي أو مستوصف أو عيادة أو غيرهم من الأماكن ويعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات والغرامة” بيد أن المعركة لم تنته بعد ومازالت تحتاج لجهود لتوسيع دائرة الوعي المجتمعي لتجني ثمار ما أصدرته الحكومة الانتقالية لتضيق
الخناق على هذه الممارسة الكربهة
وبالرغم من أن كثير من الإحصائيات تؤشر تناقص جريمة ختان الإناث بصورة ملحوظة
خاصة في مناطق الوعي والتعليم إلا أننا ما زلنا نسمع الغناء وإيقاع الدلوكة والزغاريد في بعض المناطق أثناء وبعد ارتكاب جريمة ختان إحدى الفتيات.
أعود من بَدْء للتأكيد أن قوانين الحكومة وجهود المنظمات الإقليمية والدولية مع أهميتها تلعب دور مساعد للحد من جريمة ختان الإناث.
ويظل القدح المعلى والسلاح الأمضى لاستئصال هذه الجريمة هو تضافر جهود القُوَى الحية في المجتمع التي أثبتت عبر التاريخ أنها تنجز المستحيل يوم توحدها وتضامنها.. وللأمام.
…….

مراجع:
عدد من المقالات
من موقع جامعة الأحفاد
جمعية بابكر بدري