
#كلمة_الهدف
قرار حكومة جنوب كردفان بفتح المدارس جزئيا
تحديات الواقع وآمال الطلاب وذويهم
قرر مجلس وزراء حكومة جنوب كردفان، في جلسته يوم 2 أكتوبر 2024م فتح المدارس واستئناف الدراسة للفصل الثالث ثانوي، بمدارس الولاية ابتداءً من يوم الاثنين الموافق 7 أكتوبر الجاري، على أن يداوم الطلاب الدراسة اعتباراً من يوم السبت الموافق 12 أكتوبر 2024م، وإلغاء عطلة السبت الأسبوعية للمعلمين والطلاب منذ 5 أكتوبر إلى حين الانتهاء من الامتحانات بالولاية.
وجه القرار الأمانة العامة للحكومة ووزارة التربية والتوجيه والمحافظات- هكذا- والمؤسسات والأجهزة ذات الصلة، اتخاذ التدابير اللازمة لوضع القرار موضع التنفيذ، وجاء في القرار (أن المجلس استمع إلى تنوير من وزير التربية والتوجيه حول إمكانية فتح المدارس جزئياً، واستعداد الوزارة لقيام امتحانات الشّهادة السُّودانية المُحدّد لها يوم 28 ديسمبر 2024م، وأن لجنة أمن الولاية وافقت على القرار) انتهى خبر قرار “حكومة” جنوب كردفان بشأن فتح المدارس وقيام امتحانات الشِّهادة السُّودانية إلا أنّ حيثيات القرار والتّفاصيل الواردة فيه، والجهات التي اعتمدته ووافقت عليه، تقول أنها لا تُدرك التّحديات والصُّعوبات التي تواجه تنفيذه، لذلك ملأته بحشو زائد، أو أنها
تكابر بالمقدرة على التنفيذ بالسعي لتغبيش وعي المواطنين، ومغازلة أشواق الطلاب وذويهم، ومنافقة “حكومة بورتسودان” كما فعلت “حكومة” شمال كردفان، في ورطتها التّاريخية، لأن امتحان الشّهادة السُّودانية قرار اتحادي كامل، مسؤولية التّأمين والتّرتيب والتّنفيذ، ولا يخص حكومات الولايات، وهو من محدّدات الأمن القومي، ومن سمات سيادة الدولة السُّودانية ووحدتها.
و”حكومة” جنوب كردفان إن لم تكن تعرف الواقع المأساوي الذي يعيشه مواطن الولاية، والكارثة الإنسانية التي ألمّت بالمنطقة، تلخصها المجاعة التي دفعت المواطنين لأكل صفق الأشجار المر، فتلك مصيبة. وهل تجهل حكومة الولاية ووزير التّربية فيها وأجهزتها المختصّة، أن مدارس مدن الولاية مُستغلّة عن آخرها مراكز إيواء للنّازحين؟ وأن كادقلي وحدها بها 10 مراكز لإيواء النازحين في مدارسها، بعضهم منذ أحداث لقاوة وأحداث خور الدليب وأبو كرشولا، وتراكمت عليها أعداد النازحين والمشرّدين من الخرطوم ومدني والأبيض بعد ح-رب 15 أبريل 2023م العبثية المدمرة، بأرقام مضاعفة، وأن الولاية تعاني من مجاعة حقيقية، وأطفالها والأمهات يعانون من سوء التغذية ونقص حاد في الغذاء، وأوبئة متعدّدة وأمراض مستوطنة في كل محلياتها ومدنها وقراها.
فسعر ملوة الذرة في محلية قدير بلغ 20 ألف جنيها هذا الأسبوع، وأن بعض مناطق ريفي رشاد والدلنج وكادقلي وقدير تنعدم فيها الذرة كلياً، وأن الولاية تستضيف رغم ذلك أعداداً كبيرة من مواطني جنوب السُّودان في محليات أبو جبيهة واللّيري وكادقلي، التي تحتضن 4000 طفل مشرّد، خارج أسوار المدارس، هم ضحايا الح-رب العبثية، وأن نسبة العمالة الشاقة زادت وسط الأطفال، وأنّ انحسار دائرة الأمن منذ بداية الح-رب في 15 أبريل أدى إلى تقلص المساحات المزروعة إلى أقصى نسبة، وما زال الموطنون يشكون من انقطاع الطرق الرئيسية الرابطة بين المنطقة الشّرقية والطريق القومي في أم روابة، وبين الأبيض ومحلية الدلنج المحاصرة من الشٌمال، من قبل قوات الدع.م الس.ريع ومن ناحية الجنوب بقوات الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، بالإضافة إلى مجموعات مسلحة “متفلتة” تنتشر في أغلب طرق الولاية الداخلية. وأن مدن الولاية تعاني من انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من عام، وكادقلي عاصمة الولاية نفسها لم تعرف التيار منذ يوم 23 مايو 2023م وعاد المواطنون لاستخدام الدّواب في الحركة أو السير على الأقدام، لانعدام وسائل النقل والمواصلات وصعوبتها البالغة، وفوق ذلك لم تلتزم الولاية منذ بداية الح-رب بصرف مرتبات ومستحقات المعلمين والعاملين في التعليم، سوى مبالغ ضيئلة مقتطعة من مرتباتهم لا تعني شيئاً في ظل التّضخم الجامح والغلاء المتوحش، الذي يخيّم ويضرب السُّوق وتتهاوى إزاءه القوى الشرائية للمواطنين، وفاقم ذلك ندرة في السّيولة النقدية، كل ذلك الواقع أحال حياة المواطنين في الولاية إلى وضع إنساني تخطى المقاييس والمستويات، يفرض على كل صاحب ضمير ومسؤولية، التّحرك العاجل لتداركه، ونقطة البداية قرار بوقف الح-رب قبل الحديث عن أي قرار آخر.
إن قرار فتح المدارس والموافقة على إجراء امتحان الشِّهادة السُّودانية في التّاريخ الذي حددته وزارة التّربية الاتحادية يوم 28 ديسمبر القادم، يمكن القول أنه يساهم بصورة غير مباشرة في دعم الجهود الرّامية للضّغط على أطراف الح-رب لوقفها والاستجابة للواقع المزري الذي وصلته البلاد والعمل على تلافي إفرازاتها الأمنية والاجتماعية والاقتصادية الخطيرة المقبلة في حالة استمرارها، والاستجابة لتطلعات وآمال ملايين الأسر وأبنائها الذين أضاعت الح-رب الكثير من أعمارهم وطموحاتهم.
و”حكومة” الولاية عليها مواجهة مسؤولية تأمين حياة المواطنين، وتوفير احتياجاتهم الأساسية من الغذاء والدواء، وبسط الأمن في الطرق والمدن والقرى، وصرف مرتبات المعلمين والعاملين ومستحقاتهم المتأخرة، فهم، بداهة، من يقع عليهم العبء في تنفيذ القرار، قبل الحديث عن فتح المدارس وإجراء امتحان الشهادة السُّودانية، فقبل الرماة تملأ الكنائن.
كلمة “الهدف”
حزب البعث العربي الاشتراكي
2024/10/7م