
للأهمية والتوثيق..
أجرت صحيفة المجهر لقاءً مع أمين سر حزب البعث العربي الاشتراكي الأستاذ علي الريح السنهوري في”2014م”، من حلقتين، تعيد الهدف نشر الحلقة الثانية والأخيرة.
المجهر (2-2):



حوار: محمد إبراهيم الحاج
يرى مراقبون أن حزب البعث العربي الاشتراكي يتخذ موقفاً لا يشبهه فيه أحد من الأحزاب السودانية طوال العهود السابقة، فهو ربما يكون الحزب الوحيد الذي يعلن فيه قادته أنهم لا يسعون إلى كراسي السلطة، بالإضافة إلى انتهاجه أدوات مصادمة مع الأنظمة التي يعارضها، فهو من أدخل إلى البلاد أدبيات الكتابة على (الجدران) وإطلاق الأصوات الاحتجاجية عبر مدونات حائطية في كل المدن والأحياء، ورغم النقد الكثيف الذي يوجه له، إلا أن أبرز ما يمكن توصيف الحزب به هو أنه تنظيم سياسي لا يتذمر من الرأي الآخر وله القدرة على الحوار في أي وقت.
الأستاذ علي الريح السنهوري عضو القيادة القومية وأمين سر قيادة قطر السودان لحزب البعث العربي الاشتراكي رجل يعرف تماماً ما يقول، رغم الأسئلة والاتهامات التي حاصرناه بها؛ إلا أن الابتسامة لم تفارق وجهه وهو يرد بهدوء. الخبرات السياسية التراكمية التي توفرت للرجل طوال العهود السابقة جعلته قادر على تحليل الأزمات والأحداث التي تمر بها البلاد بذهنية متقدة وبمنطق قوي وجاد.(المجهر) التقته وأدارت معه حواراً تناولنا فيه نظرة حزبه لمآلات الحوار ومستقبله في ظل الظروف الراهنة، وتحدثنا معه كذلك عن وجهة نظر حزبه حيال كثير من القضايا السياسية.

– بالعكس نعتمد على الكادر وعلى العضوية وإيمان هذه العضوية واستعدادها للعمل والنشاط والتضحية، نحن لا نملك مالاً حتى نقيم عدد كبير من الدور، عندنا داراً واحدة في العاصمة. ولا نملك مالاً حتى نصدر صحيفة أو نبني مؤسسات مثل الأحزاب الأخرى لأن ممتلكاتنا مصادرة وتمت مساومتنا لإرجاعها لكي نشارك في السلطة ورفضنا ذلك.

– مابين “2008م” إلى “2009م” بعد نيفاشا.

– طلبوا مننا أن نشاركهم في تحمل مسؤولية السلطة مقابل إعادة الممتلكات، ورفضنا هذا العرض لأن هذا يتعلق بالخط السياسي، والممتلكات هي حق من حقوقنا ينبغي أن تعود إلينا بدون مساومة.

– لو أخذنا مطبعة النيلين فقط في عام “1992” تم من خلال لجنة من المالية تقييم ممتلكاتها بمبلغ “3 مليون” دولار.

– كانت ملكاً لحزب البعث وتمت مصادرتها لأنها ملك لحزب البعث وقدر المحاسبون القانونيون الأرباح القانونية بـ”16 مليون” دولار عدا عن التعويض المعنوي.

– صودرت دورنا في كل أنحاء السودان والسيارات وحتى الممتلكات الشخصية لعدد كبير من البعثيين ولم يتمكن أي بعثي من استرداد ممتلكاته لا شخصية ولا ممتلكات الحزب العام وبعض البعثيين حتى ملابسهم صودرت.

كان في بداية الإنقاذ خلال سنواتها الأولى، كان عندما يجري الاعتقال يصادر الحاسوب والسيارات وكل شيء تقع يدهم عليها وبدون أن تسلم قائمة بالأشياء التي تمت مصادرتها.

– نرجع حقنا ونخسر شعبنا وأنفسنا؟ هذه هي المعادلة، لماذا نريد استرداد أموالنا؟ لفعالية الحزب ولكن زيادة الفعالية يجب أن تتم في الاتجاه الصحيح وليس الخاطئ، وإذا كان المال شرطاً لتغيير خطنا السياسي والانحراف عن مسارنا الصحيح فمن الأفضل أن نحافظ على مسارنا ولو بطاقة ومؤسسات أقل.
–

– حاولنا ولكن البلد لا يحكمها قانون، هذا السودان لا يحكمه دستور ولا قانون ولا يمكن أن تستعيد حقوقك، حتى المواطنين العاديين الذين صودرت ممتلكاتهم لم يستطيعوا أن يلجأوا إلى القانون، من ذهبوا إلى المحاكم ردتهم المحاكم وقالوا لهم أن هذه أوامر جمهورية لا يمكن أن ينظروا فيها، وعندك الآن القوانين القمعية كلها تتعارض مع الدستور القائم في البلاد ومع ذلك هي سارية وتطبق.
–

– نتطلع إلى إيقاف الحرب التي يعاني منها شعبنا، معاناة أليمة في جبال النوبة ودارفور والتي يدفع ثمنها شعبنا الذي فقد القدرة على ممارسة حياته الطبيعية بالإضافة إلى فقدانه لكافة الخدمات التعليمية وغيرها، ونتطلع إلى توحيد نضال شعبنا من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب في جبهة واحدة وضمن أطر متنوعة نقابية وديمقراطية وجماهيرية لتوحيد قواه في مواجهة هذا النظام ومواجهة تحدياته الداخلية والخارجية ونحن واثقون من قدرة شعبنا على توحيده.

– السلطة ليست هدفنا، نحن نتطلع لقيام نظام ديمقراطي تعددي بلا إقصاء ونعرف أن هذا النظام يعتمد على انتخابات وبرلمان ودائماً نصيب قوى الانتفاضة سواء في أكتوبر أو أبريل كان أما رمزي أو لا وجود لها..ولهذا السلطة ليست قضيتنا وإنما نسعى إلى لم شعبنا حول برنامج ديمقراطي وطني تقدمي يقود نضاله إلى الأمام حتى بعد إسقاط النظام، ندري إننا بعد إسقاط النظام نحتاج إلى مواصلة النضال لتحقيق أهداف شعب السودان.

– السودان تسوده الفوضى الاقتصادية الممنهجة منذ “89”، صحيح أن بلادنا كانت تعاني من أزمة اقتصادية لم نجد لها حلاً حقيقياً منذ الاستقلال ولكن بعد “89” سياسة التمكين التي اعتمدتها الجبهة الإسلامية القومية كانت تتطلب إشاعة الفوضى الاقتصادية في البلاد حتى يتمكن هؤلاء الحفاة من الاستحواذ على الثروة في البلاد ولذلك تلاحظ تدهور المشاريع الإنتاجية سواء أن كانت صناعية أو زراعية لأن هم هذا النظام لم يكن التنمية، وعندما حوصروا من جماهير شعبنا في غرب كردفان قال لهم علي عثمان محمد طه نحن لم نأتي لنحقق التنمية وإنما أتينا لنقودكم إلى طريق الصلاح في الآخرة بينما الإمام على بن أبي طالب، رضي الله عنه قال ( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبد الدهر، واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ). وأجمع الفقهاء أن أعمار الآخرة من أعمار الدنيا، وهم ليسوا معمرين ولم يكتسبوا مشروعيتهم في تنمية البلاد والشيء الوحيد الذي أعتمدوا عليه في اكتساب المشروعية هو المتاجرة بالدين مما أدي إلى تشويه الدين ولولا أن إيمان شعبنا قوي لنفر شبابهم من الإسلام في السودان.

– لا نتوقع أي انفراج بل بالعكس نتوقع المزيد من التدهور، هل تعلم أن نظرية الإصلاح عند هذا النظام تعني المزيد من الضرائب والمزيد من تدهور الحالة المعيشية، وليس هناك دعم يذكر وإنما ضرائب، ويتحدثون عن فساد التجار بينما أركان النظام هم الذين يمسكون بالأسمنت والحديد وهذا النظام رأسمالي طفيلي وليس نظام الراسمالية التقليدية التى اعتمدت على تراكم جهودهم وعملوا مصانع للزيوت والصابون والصناعات التحويلية، والآن نحن نستورد هذه السلع التي ننتج موادها ٠٠٠٠ إلخ. والرأسمالية الطفيلة لا تنتج سلع زراعية ولا صناعية وإنما تعتمد على فساد محمي من السلطة، مثل واردات باسم جمعيات ما أنزل الله بها من سلطان تُعفى من الضرائب والجمارك ومن كل شيء وتدخل ويستفيدوا من هذا الفارق في السعر لتمويل أنفسهم، وهذه الرأسمالية الطفيلية لا يمكن أن تشق طريقاً للتنمية في السودان وحتى البنى التحتية في السودان تم تدميرها مثل السكك الحديدية والمشاريع التي كانت تمول السودان مثل مشروع الجزيرة وحتى الذهب الآن باعترافهم حتى الذهب يتم تهريب “75%” منه، من الذي يهربه؟ هم الرأسمالية الطفيلية المتأسلمة.
–

– هذا سؤال ينبغي أن توجهه للأستاذة سارة نقد الله أو الدكتورة مريم الصادق المهدي.

– أنا أتمنى أن يغير الصادق المهدي رؤيته للأمور، لا أختلف مع الصادق المهدي في تخوفه من الاحتمالات التي تنقل الصراع من صراع ديمقراطي سلمي إلى صراع حاد ودامي، وللسيد الصادق تخوفات كثيرة تتعلق بمستقبل البلاد، وهذه التخوفات قائمة ولكن مواجهة هذه التخوفات يجري عبر توحيد جبهة الشعب وليس عبر مساندة النظام لأن إسناد النظام يدفع بالمزيد من التعصب ومن تفاقم الأزمة وبالتالي إلى زيادة الحدة في الصراع السياسي.
–

– أنا لا أريد أن أسمي موقفه خاطئ أو غير ذلك، ولكن أقول أنه إذا عدل من هذه الرؤية ووظف جماهير حزب الأمة إلى الاتجاه الصحيح أو عزز دورها لأنني أعتقد أن جماهير حزب الأمة متخذة الموقف الصحيح ولكنها تحتاج إلى تفعيل هذا الموقف وتصعيده إلى تعزيز من القيادة.
–

– أولاً الحوار ليس بدون شروط، شروطه أن يتم في إطار النظام ولإصلاح النظام وترقيعه ولذلك يرفض النظام الكلام في إطار السلطة الانتقالية أو التحول الديمقراطي.
–

– مع القوى السياسية عموماً وكذلك مع المؤتمر الشعبي، والشعبي أيضا نتيجة لكثير من التطورات الإقليمية والدولية أصبح لديه الكثير من التخوف ولكن بالتأكيد تلح عليهم أشواق وحدة الحركة الإسلامية ذات الغطاء السياسي، أو الجبهة الإسلامية القومية.
–

– والله إذا قادها هو أو البشير أو بكري حسن صالح. ما يهمنا نحن هو البرنامج المطروح، وبرنامج هذه الحركة هو الذي أوصل بلادنا إلى ما وصلت إليه الآن، وهذا البرنامج لن يتأثر بفلان أو علان، المشكلة مشكلة برنامج وليست أشخاص.
–

– مع التحفظ على التصنيفات يمينية أو يسارية نحن في قوى الإجماع لدينا قوى واسعة يمينية ويسارية.
–
*ولكنى أتحدث عما إنتهى إليه الحال الآن؟
– الآن هذه القوى موجودة، القوى الاتحادية وفصائل متعددة ولكن الأهم من كل ذلك، هو أن هذا التصنيف قد يكون صحيح على مستوى النخب أو القيادات ولكن على صعيد الجماهير فالبرنامج الذي تلتف حوله الجماهير هو برنامج قوى الإجماع الوطني، وهو برنامج البديل الديمقراطي، الجماهير تتطلع للسلام والأمن والديمقراطية والتقدم، ونحن نمثل هذا البرنامج وإلى الآن في قوى الإجماع الوطني.
–

– النظام ساقط موضوعياً، بسبب فشله وعجزه عن إدارة شؤون البلاد..النظام الذي يتكىء على مليشيات وعلى الجبايات والمزيد من الضرائب.
–

– سوف يسقط إن شاء الله.. ومثلما قلت لك إن نفس هذا الكلام كان يقال لنا في عهد نميري.. فمنذ عام “1977” كنا نقول نظام “25 مايو” الآيل للسقوط وبعض الناس كانوا يتندرون علينا ويقولون لنا متى يسقط؟ ولسبب بسيط جداً أن النظام الحالي مخالف لحركة التطور الوطني والتاريخي وأي نظام من هذا القبيل لابد أن يسقط حتماً..وهذا النظام فقد كل أسباب البقاء.. وهو الآن ساقط موضوعيا وسوف يسقط عملياً. نحن الآن على عجلة لحشد شعبنا وتوجيهه إلى الطريق الصحيح نحن مهمومين أن لا تتبدد حركة شعبنا حتى بعد سقوط النظام.