عادل خلف الله لم يدع كذباً على الحزب الشيوعي “1 ـ2”

وماذا بعد

عادل خلف الله لم يدع كذباً على الحزب الشيوعي “1 ـ2”

كتب: ياسر عوض الزين
في مقال لعله قديماً “لقدم مناسبته” ولكنه بدأ دورة ترويج جديدة، بعنوان “عادل خلف الله وركوب موجة الهجوم على الحزب الشيوعي”، تحدث الدكتور “صدقي كبلو” عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي محتجاً على بعض ما وصف به المهندس عادل خلف الله مواقف الحزب الشيوعي، سأحاول تفنيد ماذكره “د. كبلو” في حوار موضوعي من جزأين إبتداءً من العنوان “عادل خلف الله وركوب موجة العداء للحزب الشيوعي” فمن الواضح أن الدكتور يتوهم عداء الجميع لحزبه ربما بتأثير الموقع الذي وضع فيه الحزب نفسه معادياً للجميع ومتهماً للجميع مماجعله في عزلة حقيقية فالبعثيّين لايعرضون في نقارة الآخرين ولكن الواقع الذي يحاول د. كبلو أن يتجاهله هو أن البعثيّين قد صمتوا كثيراً وغضوا الطرف عن افتراءات الشيوعيّين واتهاماتهم الكذوب وظلوا دائماً يقدمون الأهداف الاستراتيجية والكلية عوضاً عن الخوض في أي صراعات ثانوية، تضعف مركز الصراع الرئيسي وتشتت الطاقات ولكن الشيوعيّين استمرأوا الهجوم على الآخرين بتفسير خاطئ للصمت الذي واجهوهم به فتضخمت ذاتهم ولم يوفروا مساحة للتجاوز بعد أن تعدوا إلى حد العمل على تفتيت قوى الثورة كما حدث لتجمع المهنيّين وما يجري بشأن لجان المقاومة الآن لذلك كان من الطبيعي توضيح حقائق ما يدعيه الشيوعي في مواجهة الآخرين وهذا ما أكده الباشمهندس عادل خلف الله في أكثر من مناسبة.
احتج الدكتور على قول الباشمهندس :
“إن خطاب الشيوعي مطابق لخطاب قوى الردة”، ولا أدري سبباً لغضب د. كبلو فالخطابان يتأسّسان على ضرورة “سقوط” سلطة الانتقال عبر شعار تسقط “تالت” الشيوعي وتسقطت “قحت” الفلولي وكلاهما يعني السلطة الانتقالية إلا إن كان الدكتور كبلو يعني الفرق الوحيد الواضح بين الخطابين في أن خطاب الشيوعي يبني السقوط للمجهول”تسقط تالت” بينما خطاب الفلول يبنيه للمعلوم بالقول “تسقط قحت”.
كما تحدث رافضاً “نسب اقتراح 90 مقعداً للحركات” للباشمهندس صديق يوسف ولكن هذا ماحدث بالفعل، وقد ذكر الباشمهندس هذا المقترح في اجتماع في بيت السيد إبراهيم الشيخ، وتم تعديله في عدد من الاجتماعات اللاحقة في دار المهندس حضرها الخطيب الذي بدأ لاعلم له بالمقترح وفي الاجتماعين لم يكن كبلو حاضراً.
بل فوق ذلك ألم يثبت المهندس صديق يوسف نسب وزارتي الدفاع والداخلية للعسكريّين دون تشاور مع أحد أو تفويض أو حتى دون مناقشة الأمر في أي من مؤسسات الحرية والتغيّير؟، وفوق ذلك ألم يتجاوز المهندس صديق حدود تفويض الوفد الذي كان مفوضاً للحوار مع المجلس العسكري حول أغلبية ورئاسة المجلس للمدنيّين فقط، فتجاوز ذلك وزاد عليه بالتوقيع الكارثي “عبر أحمد ربيع” والذي لم يفوضه عليه أحد.
من الواضح أن هناك مشكلة حول المعلومات والقرارات داخل الحزب الشيوعي حتى كانت موضة أن يكون للحزب الشيوعي موقفين في قضية واحدة بل حتى دكتور كبلو نفسه كان ضحية للمتقاطعات داخل الشيوعي فبعد اجتماعهم مع حزب الأمة صدر بيان من الحزب ينفي تمثيلهم للحزب وكثير من هذه المواقف حيث كان للجنة المركزية رأي وللمكتب السياسي رأي آخر في ذات القضية ويعارضه موقف الحزب بالعاصمة، فلذلك يكون المطلوب من د. كبلو أن يبحث عن المصداقية داخل حزبه قبل أن يوجه سهامه نحو البعث.
واستنكر قول المهندس عادل “إن خروج الشيوعي من قحت ودعوته لاسقاطها قد مهد للانقلاب العسكري”، وماذا في ذلك فهل سمع أحد أن الفلول قد تجرأوا بمحاولة التظاهر أو الخروج ضد سلطة الانتقال، إلا بعد أن تجرأ عليها بعض أهلها بل وبعد طرح الشيوعي شعار تسقط تالت، حتى أنهم لما بدأوا في الخروج من مخابئهم كانوا في قمة الخجل والبؤس، بدليل أنهم لم يفكروا في افتراع شعار بعيداً عما سمعه الثوار من فضائهم نفسه لذلك كان أن تبنوا نفس الشعار الذي طرحه الشيوعي بعد التعديل كما ذكرنا آنفاً إذ كانوا أكثر وضوحاً وتحديداً باستبدال “تالت بقحت” وهذا كان أول مداخل الانقلابيّين لفعلهم.
فهل بعد ذلك يعاب على عادل أو غيره أن يصف هذا الخطاب بالتطابق مع خطاب الفلول أو ملاحظة خطوط التماهي عليه مع العسكر؟
استنكر د. كبلو على المهندس عادل أن يقول ماقال وهو يعلم مواقف الشيوعي “في اللجنة الاقتصادية” فلو رجع الدكتور لكثير من تصريحات الباشمهندس عادل خلف الله لوجد فيها تصريحات تفيد بأن خروج الشيوعي يضعف الجبهة الرافضة لهذه السياسات والتي ظل عادل وأعضاء اللجنة الاقتصادية لحزب البعث العربي الاشتراكي دكتور معتصم دونتاي ومحمد حيدر وغيرهم نجوماً لامعة تعبر عن رفض الحزب لهذه السياسات بمنتهى القوة وتقدم باستماتة بدائل ومعالجات إلا أن خروج الشيوعي بدد مجهوداتهم وأضعف موقفهم، مثلما هو الحال فيما يتعلق بالتطبيع، أما أن يكون ذلك سبباً لخروج الشيوعي من قحت فهذا شأنه وخياره الذي يتحمل مترتباته التاريخية مثل اختياره مشاركة الانقاذ مثلاً، أو اختياره التوقيع على نداء السودان والسير في طريق الهبوط الناعم قبل العدول والتراجع عنه لاحقاً.
ـ رفض الدكتور وصف الباشمهندس عادل للشيوعي “بالنرجسية” فحسب التعريف الذي نقله بنفسه عن “وكيبيديا” فهي تعني “حب النفس أو الأنانية وهو اضطراب في الشخصية حيث تتميز بالغرور والتعالي والشعور بالأهمية ومحاولة الكسب ولو على حساب الآخرين”.
ألا يعتقد الحزب الشيوعي الآن أنه “الفرقة” الوحيدة الناجية؟..
ألا يحاول تقديم نفسه بوصفه الأكثر ثورية من الآخرين؟..
ألم يخلع الشيوعي جبة الهبوط الناعم عن ذاته ثم يحاول رميها على أجساد من رفضوها في حينها، وتحملوا ماتحملوا مما يعلمه الشيوعي تماماً؟..
وإلا فكيف ينزع الحزب الشيوعي عن نفسه لقب الهبوط الناعم وهو الذي مارسه بعد نيفاشا وقبل أن تتفتق عنه عبقرية مطلقيه، وعلى خلفه مابين أديس وبرلين وباريس بعد أن قدمه الأمريكان وصفة قبلها الحزب الشيوعي، ثم يصف به من رفضها، ثم بعد أن رأى الشيوعي الخروج من السلطة التي شارك في الإئتيان بها وشارك فيها بالفعل عبر كوادره الذين ظل ينكر نسبهم إليه ويصفهم بـ”شيوعي سابق”، ومع ذلك يصف من أبدى استعداده لتحمل المسؤولية جهراً دون تخفي أو إختباء تحت أي عنوان أو لافتة بمشاركي “اللجنة الأمنية” وعلى ماذكرنا بعاليه من مؤشرات الغزل مع العسكر ومع ماذكره ود لبات عن قول الباشمهندس صديق يوسف لحميدتي “تمشي وتخلينا لمنو” مقروءاً مع تلك الصور والضحكات المجلجلة ومع ما ذكر من مواقف لا يجادل حولها إلا مكابر ومع ذلك يتهم الحزب من لم يفعل عشر مافعله بالهبوط الناعم، ألا يعني كل ذلك أن الحزب يرى في ذاته ما لايراه في الآخرين؟..، ثم ألا يعني ذلك أن الحزب يبيح لنفسه أكثر مما يحرم على الآخرين؟.. “حتى وإن رفض الآخرون أقل مما حلل لنفسه!”، ألا يرى في ذلك حبا للذات؟..، ثم تخيل الحزب بعد أن رأى مسيرة السلطة الانتقالية تواجه ما تواجه من عراقيل واستحالات وما توقعه من معركة شرسة مع الفلول وقوى الردة آثر الحزب ألا يخوض تلك المعركة لظنه أنها خاسرة قرر أن يقف بعيداً بجلبابه نظيفاً ثم يؤشر للخائضين في وحل الفعل الإيجابي منصباً نفسه معلماً يصحح أعمالهم بما يرى هو لنفسه ولهم، فإن لم تكن هذه هي الذاتية فكيف هي إذن؟..
ثم بعد أن قرأ الحزب أن عدداً من الثوار غير منظمين في تنظيمات حزبية أو نقابية رأى الاستثمار بمحاولة كسبهم عبر إدعاء الطهورية الثورية وادعاء أنه أكثر وأكمل ثوريةً من الآخرين، في صورة لاتنسجم أبداً مع أخلاق التحالفات وقيم العمل الجبهوي، أن يطعن فصيل بقية زملائه في شرفهم الوطني زوراً وتزييفاً لمجرد محاولة البحث عن مكاسب ذاتية آنية دون اهتمام لما تجره هذه المكاسب على مسيرة النضال الوطنى إجمالاً، اليست هذه هي محاولة الكسب ولو على حساب الاخرين؟.. أليست هي روح التعالي والشعور بالأهمية والغرور؟.. أليس التوافق على مستوى الشعار والفعل الميداني مع الفلول ثم محاولة التنصل بالأقوال عن أي اتفاق معهم ضرب من الإضطراب النفسي؟..
ذكر الدكتور مستنكراً “كيف لحزب يتصدي للعمل العام ويقدم في ذلك التضحيات خلال تاريخه اعتقالات وسجون وتعذيب واعدامات لقيادته واستشهاد تحت وطأة التعذيب في المظاهرات والمعتقلات والحرمان من العلاج والدواء والخ الخ الخ ويعالج امراض البرجوازية الصغيرة الغرور والتعالي على الجماهير إدعاء المعرفة المطلقة وأن يتهم بالغرور والتعالي والأهمية؟..” السؤال هل تعرض لكل ماذكر وحده أم معه آخرون من الذين يمنح نفسه حق وصفهم بالهبوط الناعم ويطعن في شرفهم الوطني والنضالي دون أن يرف له طرف، ولماذا استحل لنفسه توجيه أقسى من هذه الاتهامات لأحزاب تشاركه ذات الصفات بل إن بعضها يفوقه على الأقل بعدم تسويد صحائفهم بمشاركة الأنظمة العسكرية، وهل أصلا ترقى هذه الاتهامات التي ذكر لمستوى ما وجهه هو لرفاق خندقه؟..

“لقد علمنا عبد الخالق…….”، يادكتور وللحق فنحن لا نرى فيما يمارس الشيوعي الآن حتى بعضاً مما علمه عبد الخالق وبالتالي فعادل لم يكذب وإنما ذكر وقائعا ًتعبرون فوقها دون تقديم تفاسير مقنعة لأحد، ولم يتبع سقافاً أو غير سقاف ولا أعلم من “سقاف” ولا أرى داعياً لحشر ماحدث للحزب في العراق في هذه الزاوية ولكن يمكن القول وبعجالة الحزب في العراق لم يودي به أحد وإنما ثبات الحزب على مبادئه هو ما دفع خيوط التآمر الامبريالي الصهيوني للتكالب على الحزب وعلى العراق باحتلاله واسقاط سلطته الوطنية وتعيّين سلطة بديلة بواسطة الاحتلال بتعيّين مباشر من “بول بريمر” ليس فقط من الأحزاب الطائفية العميلة بل بمشاركة الحزب الشيوعي العراقي الذي تم تعيّين سكرتيره العام عضواً في مجلس الدولة ولا زال الحزب موجوداَ ضمن مفاصل العملية السياسية التسووية التي شكلت غطاءً شفافاً مهترئاً للاحتلال في العراق، وهنا يثور تساؤل هل الدكتور كبلو على علم بزيارة وفد من حزبه للعراق المحتل والاجتماع مع الحزب الشيوعي في المنطقة الخضراء تحت حراسة أمريكا المحتلة؟ أمريكا التي كانت امبريالية حسب الموروث التاريخي للحزب الشيوعي السوداني من لدن عبد الخالق محجوب، وبالطبع نتوقع أن يصف الشيوعي العراقي الذي جاء على ظهر الدبابة الأمريكية البعث في العراق الذي يقاوم الاحتلال “بالهبوط الناعم” على الطريقة العراقية.

يتبع…