من منطلق المسؤولية السياسية في الحوار المنتظم بين مكونات الثورة السودانية، بغية الوصول إلى رؤية موحدة لقوى الثورة، تفضي إلى تشكيل برنامج حد أدنى مشترك لإسقاط الانقلاب واستئناف مسيرة الانتقال المدني الديمقراطي وتفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو 1989 وتوابعه، يسر حزب البعث العربي الاشتراكي أن يقدم مجددا رؤيته التي راعى فيها الحد الأدنى من التوافق المطلوب تحقيقه بين قوى الثورة، السياسية والاجتماعية في الفترة الراهنة.
للمساهمة في هذا الحوار الضروري وإثراء هذه الرؤية بما يحقق أوسع قدر من التفاعل، تنشر الهدف في حلقات الورقة المقدمة من حزب البعث العربي الاشتراكي “الأصل” بهذا الخصوص.
رؤية الحد الأدنى للقوى السياسية والاجتماعية للفترة الراهنة من منظور حزب البعث العربي الاشتراكي
الحلقة الأولى:
مقدمة
لقد أحدث انقلاب قوى الردة والفلول الغادر، بقيادة عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر 2021م، فرزاً واضحا للقوى، لا يعرف تداخل الخنادق أو الخطوط الرمادية. وترتب عليه اصطفاف واضح المعالم بين جماهير شعبنا المناضلة الصامدة من أجل وطن تتحقق فيه كرامتها الإنسانية وتطلعاتها الوطنية بقيادة قواها الوطنية المخلصة من جهة، ضد قوى الردة والظلام من انقلابيين، وفلول، وعملاء، وانتهازيين، وطفيليين من جهةٍ أخرى.
هذا الواقع يفرض على كل القوى الوطنية السياسية والاجتماعية الحية، وضمنها حزب البعث العربي الاشتراكي، أن تضطلع بدورها وجهدها الفكري والسياسي، وترتقي بفعلها النضالي، من أجل ترصين وتمتين خندق الجماهير وقواها الحية وتوسيع جبهتها المقاومة، تأسيساً على رصيد شعبنا من انتفاضة ديسمبر 2018 المجيدة، بآفاقها الثورية التحررية وثوابتها ودروسها الملهمة.
ويطرح حزب البعث هذه الرؤية السياسية للفترة الراهنة التي يأمل أن تعبر عن الحد الأدنى لرؤية القوى السياسية والاجتماعية في مواجهة الانقلاب، يكون التركيز فيها، بعد إسقاطه، على إجراء الانتخابات باعتبارها المدخل الجماهيري لبناء نظام ديمقراطي تعددي يكون الهم الأول الذي يجمعنا جميعاً، هو الحرص على استدامة النظام الديمقراطي من خلال ربط الديمقراطية بمفهومها الاقتصادي والاجتماعي، بالإنجاز المعبر عن مطالب الشعب وتطلعاته في حياة حرة كريمة بحل المعاناة المعيشية والخدمية.
إن ضمانة تجسيد مبادئ وأهداف الثورة السودانية على أرض الواقع إنما تنطلق من بناء أوسع جبهة شعبية للديمقراطية والتغيير، قائدة للحراك الديموقراطي السلمي، وصولًا للاضراب السياسي العام، والعصيان المدني.
في ضوء ذلك نواجه مهامنا وسط وفي طليعة نضال جماهير شعبنا، باعتبارها الهدف والأداة، وصاحبة المصلحة في التغيير، بما يرصن ويعزز وعي الجماهير بضرورات المرحلة النضالية، وذلك بالعمل وفق الموجهات التالية:
• فضح وتعرية كل ما من شأنه تفتيت وحدة قوى الثورة السياسية والاجتماعية، من أية جهة، أو مكون، أو حزب جاءت، وبأي صيغة طرحت. علينا ألا نتردد في توجيه انتقاداتنا لمثل هذه الدعاوى التفتيتية، والإشارة إلى مطلقيها ومنفذيها بالاسم، ودون اعتبار لما يشاع عن ضرورات تجاوز الاختلافات من أجل توحيد قوى الثورة، فالأطروحات التي تقود إلى تفتيت وحدة قوى الثورة ليست مجرد خلافات، بل هي عمل مخطط لتفتيت وحدة قوى الثورة في مواجهة قوى الثورة المضادة..
يدخل في هذا المجال محاولات خلق عداء مفتعل بين قوى الحرية والتغيير، ولجان المقاومة.. ويدخل ضمن ذلك إشاعات تخوين قوى الحرية والتغيير، بالترويج لوقائع لا صحة لها، بل أن بعض من يطلقونها، كانوا هم أبطال هذه الوقائع.. ويدخل ضمن ذلك محاولات شق الأجسام الديموقراطية والنقابية، وتعطيل قيام نقابات ممثلة لجماهير العمال والموظفين والمهنيين والمزارعين..
• التفاعل الإيجابي مع عضوية وقيادات لجان المقاومة والأجسام الثورية الأخرى، وفضح محاولة استخدامها كروافع سياسية لأحزاب بعينها، واحترام استقلاليتها وإرساء القيم الديموقراطية، داخلها والحرص على التوافق الوطنى سياسيا واجتماعيا، وفقا لمتطلبات المرحلة.