الديمقراطية غاية الجماهير وغاية النضال الشعبي: محمد الطريفي

الديمقراطية غاية الجماهير وغاية النضال الشعبي

✒️محمد الطريفي

في هذه المرحلة من عمر السودان ظل الحديث الدائم والمتكرر عن مصطلحات الديمقراطية، والتحول الديمقراطي، والانتقال الديمقراطي، حديث الساعة. خصوصاً في وسائل التواصل الاجتماعي. أردت من خلال هذا المقال المتواضع أن أضيف مساهمتي الشخصية المتواضعة، للتأكيد على أساسيات معينة قد تخفى على البعض، وخصوصاً في أوساط الشباب من هذا الجيل الجديد الذي أنا جزء منه، وأراهن على مقدراته ووعيه في إرساء دعائم الديمقراطية، وذلك بمثابة التحدي لهذا الجيل الذي يخوض تجربته الديمقراطية كممارسة سواء كان في النقابات أو لجان المقاومة، كما تابعنا ذلك، بداية من لجنة مقاومة الصافية بالعاصمة، وما تلاها من عمليات بناء قاعدي في عدد مقدر من لجان مقاومة أحياء الخرطوم، وفي بعض الأقاليم تحت شعار: حلنا في البناء القاعدي.
ومع تزايد وتيرة الأحداث السياسية، من محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، والتي لا يخفى على الجميع ضلوع القادة العسكريين فيها بالتعاون مع النظام المباد وواجهاته، وتمظهرات ذلك في قضية شرق السودان، وأحداث الاقتتال القبلي في غربه، وافتعال العنف بالعاصمة، مصحوبا بتقاعس الأجهزة الشرطية والأمنية عن دورها وذلك ما يؤكد علي صحة إدعاء الكثير من المتابعين للراهن السياسي، والأحزاب واتهامهم للمجلس العسكري وحلفائه بالتسبب في هذا المشهد المربك الذي يهدف إلى قطع الطريق أمام شعبنا في تحقيق أهداف الانتفاضة، وأولها تحقيق التحول الديمقراطي كهدف وغاية عليا لنضال شعب السودان.
إن شعار الديمقراطية، قل ما نجد حزباً او فرداً أو نقابة أو أي جسم سياسي، مدني كان أم مسلح، إلا وكانت الديمقراطية كمفردة ومفهوم متضمنة في برامجه وأفكاره وشعاراته، سواء كان ذلك منسجماً مع الممارسة أم لا.
ومفهوم الديمقراطية كحاله من المفاهيم النظرية في الفكر، يقع في خانة تعدد واختلاف التعريفات والمضمون والمرجع، ولذا لا نجد للديمقراطية مضمون وتعريف واحد.
ولا أجد نفسي جديراً أو مطالباً بوضع مفهوم واحد للديمقراطية يوافقني عليه الآخرون، بقدر ما اريد أن أبين على حسب رأيي مضمون الديمقراطية التي ناضل من أجلها السودانيون خلال تاريخ السودان الحديث. وذلك باعتبار أن الديمقراطية هي غاية الشعب، وغاية نضاله وهي كذلك وسيلة لتحقيق غايات الشعب، ولفهم هذه الجدلية، غاية الشعب هي الديمقراطية، وغاية الديمقراطية هي الشعب (بدر الدين مدثر محاور نضال الشعب بعد الانتفاضة)
إذاً فإن الديمقراطية التي يناضل من أجلها الشعب ليست مجرد أغلبية الانتخابات، ولا هي كلمات نتشدق بها في الخطابات، ولا كلمات تكتب، إذ أن للديمقراطية شروط، وأركان وأسس وجوهر، فشرطها الأساسي هو الحريات العامة، حرية الرأي والمعتقد والتعبير والتنظيم… الخ، وهي بمثابة – أي الحريات – المناخ الذي تنبت فيه الديمقراطية إذ لا ديمقراطية بدون حريات ووعي سياسي يساعدان على تهيئة المناخ للديمقراطية من خلال الممارسة داخل أروقة الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني والتنظيمات الثورية والحركات المطلبية، وكذلك من خلال الحريات يمكن لكل هذه الكيانات أن تبث الوعي السياسي الوطني لدحض الولاء دون الوطني، كالولاء للطائفة والقبيلة والنظارات وما إلى ذلك.
وركن الديمقراطية الأساسي هو المساواة في الحقوق والواجبات دون تمييز على أساس الانتماء الثقافي أو الإقليمي، أو التمييز على اساس اللون والقبيلة والمعتقد.
ومن شروط الديمقراطية أيضاً حكم ممثلي الأغلبية، وإحترام رأي الاقلية، ومن شروطها نبذ العنف في العمل السياسي سواء إن كان ذلك العنف صادراً من الأفراد أو المنظومات أو الدولة، وأن يكون الحوار والنقاش والصراع السياسي بوسائل ديمقراطية وسلمية في إطار المنافسة السياسية والتي بدورها تعمل على تجذير الديمقراطية كوعي وممارسة.
وأخيراً يجب أن تؤكد الديمقراطية وتعمل من أجل تحقيق غايتها وجوهرها، وهو الالتزام بمصالح الشعب الحياتية، وتخفيف وطأة المعاناة على الجماهير، أي أن توفر الأمن من الجوع والخوف، فلا ديمقراطية بدون إنجاز لمصلحة الجماهير لأن الجماهير ومصالحها هي الغاية من كل نظام حكم، وتلك أعلى غايات الديمقراطية.
ختاماً: وجب على كافة قوى الثورة السودانية المختلفة مع السلطة الانتقالية والموالية لها أن تعمل على الدفاع عن الانتقال الديمقراطي وأن تعيد ترتيب الصفوف لمواجهة قوى الردة التي لا تهمها سوى المصالح الذاتية الضيقة، وإن تمنع أي محاولات تهدف للقضاء على مكتسبات الثورة وعلى أهدافها، وجب أن نتعاهد جميعنا على ألا للعودة إلى الوراء، إلى حقبة الحزب الواحد كبديل للتعددية.

والشعب أقوى والردة مستحيلة.