تفكيك التمكين في مؤسسات الدولة خطوة متقدمة لتحقيق التحول الديمقراطي بقلم: د. ستنا بشير

تفكيك التمكين في مؤسسات الدولة خطوة متقدمة لتحقيق التحول الديمقراطي
بقلم: د. ستنا بشير

أعلنت لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 واسترداد الأموال العامة، خلال آخر مؤتمر صحفي لها يوم السبت 11 سبتمبر الجاري، مجموعة من الإجراءات، من ضمنها قرارات متعلقة بفصل موظفين من بعض مؤسسات الخدمة المدنية الحساسة والمؤثرة، والتي شكلت أوكار فساد لعناصر ورموز النظام المباد، وموطئ قدم استطاعت من خلاله تعطيل تقدم ثورة ديسمبر المجيدة، مثل وزارة الثقافة والاعلام، وكالة السودان للأنباء (سونا)، الخطوط الجوية السودانية، ديوان الضرائب، ومصلحة الأراضي، وغيرهم. يعتبر تفكيك التمكين داخل مؤسسات الدولة خطوة متقدمة في عمل اللجنة، إذ أنه يشكل الجانب الأهم في عمل اللجنة، وعصب دورها، إذ ان استمرار الموظفين الذين عينوا بسبب انتمائهم، أو كمكافأة لولائهم، أو (جهادهم)، أو بسبب الفساد، او غيره من الأسباب، بعيدا عن الكفاءة، كان سبباً لإعاقة وتعطيل العديد من الملفات الحيوية.

إذ يعمل الفلول وقوى الثورة المضادة، ، كل من موقعه، على تأزيم الوضع في البلاد، وازدياد تردي الخدمات، وإشاعة أجواء الفوضى وإنعدام الأمن، والسماح بالتلفتات وتمكين العصابات، وسيطرة الإشاعات والأخبار الملفقة على الوسائط، وبث الكراهية بين المواطنين، وامتناع الأجهزة الأمنية عن القيام بدورها… والخ.

خلال الفترة الماضية تركز عمل اللجنة على استرداد الأموال المنهوبة، رغم أهميته، إلا أنه يأتي في المقام التالي لتفكيك التمكين في مؤسسات الدولة، فرغم الأموال والممتلكات الهائلة التي استردت خلال ما يقارب العامين، لم نرَ لها أثرا ملموسا في تحسين الوضع المعيشي، ولم تتمكن الدولة من الاستفادة منها كثيرا. ساهم في ذلك بشكل رئيسي، ضمن أسباب أخرى، وجود عناصر النظام المباد في مؤسسات الخدمة المدنية، يعملون على عرقلة كل ما من شأنه وضع قرارات اللجنة موصع التنفيذ، وتعطيل كل ما من شأنه تحسين حياة المواطنين.
كذلك أعلنت اللجنة استرداد مساحات شاسعة من أراضي الدولة من أيدي رموز النظام المباد بولاية النيل الأبيض، ما يمثل فاتحة لانطلاق نشاط اللجان الفرعية بالولايات، عقب إزالة المعوقات، اللوجستية منها، والمتعلقة بالتمويل، كما أشار الاستاذ محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة الانتقالي، ورئيس اللجنة المناوب في خطابه في مستهل المؤتمر.
وسابقا صرح الاستاذ وجدي صالح في لقاء اجرته معه اذاعة (هلا 96)، ان مصدر مال لجنة التفكيك هو وزارة المالية فقط، وإن أعضاء اللجنة قد عانوا الأمرين، ففي العام 2020، لم يكن هناك ضخ مالي بشكل دوري، من المالية للجنة مما اثر على الأداء. وفي 2021 حتى نهاية يوليو لم تستلم اللجنة اي أموال من المالية. ولكن لأن العاملون باللجنة ثوار، فقد تحملوا الكثير، خاصة مع ازدياد التضخم. كما ذكر أن هناك توقعات بتحسن الأداء بعد تدخل رئيس الوزراء، ووزير مجلس شئون الوزراء، وبعد ان خصصت المالية ميزانية للجنة. نهاية التصريح.
إن التصفيق الحماسي الذي قوبلت به لجنة تفكيك التمكين، في قاعة الصداقة، يوم الإعلان السياسي في 8 سبتمبر، لهو استفتاء شعبي عفوي لانحياز كامل القوى السياسية الثورية، والشعب السوداني، للجنة، ووقوفهم سندا لها، وسدا منيعا ضد محاولات الغائها، أو استبدالها بمفوضية الفساد. هذه المحاولات التي يقف خلفها، جنبا الى جنب مع الكيزان، العديد من الاقلام الصحفية والشخصيات ذات الارتباط بالنظام المباد، بشكل أو آخر. كما فشلت محاولة الايقاع بين اللجنة والشق العسكري في مجلس السيادة.

بقراءة تصريحي صالح وود الفكي، مقرونا مع القرارات الأخيرة المعلنة، يبدو أن المعيقات التي تقف في وجه عمل اللجنة؛ قد حل معظمها، ونأمل ان تشهد انطلاقة قوية لعملها في مقبل الايام. فنجاح تفكيك تمكين نظام الثلاثين من يونيو 1989، هو المدخل الرئيسي للانتقال من دولة الحزب الواحد إلى دولة المؤسسات وسيادة القانون، حيث المواطنة هي الأساس في الحقوق والواجبات.

وتفكيك التمكين هو الطريق للخروج من الحلقة المفرغة التي تدور فيها البلاد منذ الاستقلال، وتمهد لانتقال متجاوز لأخطاء التجارب الانتقالية السابقة.