إن الثورة في حقيقتها حركة دائمة مستمره، لها أدوات ووسائل مختلفة ولكل مرحلة أدوات تتناسب مع مرحلة من مراحل الثورة، وترتبط الثورة مفهوماً ومضموناً بالممارسة السياسية والحراك الاجتماعي و الثقافي فكلما ضعف الاداء والفاعليه السياسيه بالنسبة للفعالين ضعفت حركة الثورة وتراجعت شئياً فشيئاً عن أهدافها ومشاريعها، سوا كان ذلك التراجع السياسي عن قصد او بدونة. كثير من الناس يختزلون مفهوم الثورة في مرحلة واحده (مرحلة الحراك الجماهيري) وسقوط الانظمة التي ثارت عليها الجماهير، متناسين تماماً بأن هناك مراحل سابقه ولاحقه ربما كانت و تكون ضريبتها أعلى بكثير من كلفة الحراك الجماهيري (الانتفاضة الشعبية) لذلك نجد هؤلاء قد سقطوا في بداية المشوار وأصبحوا بدون وعي يعيقيون حركة الثورة بتبنيهم أدوات ووسائل أعداء الثورة، بينما يظل من يمتلك الوعي السياسي بحقيقة الثورة ومراحلها وتعقيداتها متمسك بأهدافها وشعاراتها يعمل ضمن نطاقه وحسب مقدرته على خدمة الثورة والشعب وهولاء قله يواجهون بشكل يومي التهكم والالسنه الساخره والمشككه في مستقبل الثورة.
و بالرجوع إلى التاريخ السياسي وتقليب صفحات تاريخ الافراد والكيانات يمكننا أن نحدد بدقه من هو متسلق على حساب الآخرين ومن هو في صف الثورة منذ أن كانت طفله يتيمة حتى بلغت الرُشد.
ومن الخطأ الجسيم الإعتقاد بأن الإنتصار للثورة تصنعة النخبة السياسية فقط دون أن يكون هناك دور واضح للحركة النقابية وتنظيمات المجتمع المدني والإجسام الشبابية وبقية شرائح المجتمع ومؤسساته الثقافية ومكوناتة الاجتماعية. فلا يوجد ما يسمى بالنضال بالإنابة بل للثورة طريق واحد تسلكة وتعبده الجماهير الكادحة صاحبة الهم والمصلحة في إحداث تغيير سياسي واجتماعي وثقافي ينعكس على الاقتصاد والتنمية والفن والتعليم والصحة وصولاً الي مرحلة الإشباع الذاتي الذي يتولد منه الإبداع المحفز على النهضة والتقدم وتلك هي غاية النضال الوطني والقومي والإنساني.
ولنتعمق أكثر في فهم المشهد السياسي الوطني وتعقيدات المرحلة الراهنة ينبغي أن نمتلك عدة أدوات وهي من ضمن متطلبات الوعي بحركة الثورة وتعيين على القراءة الصحيحة للواقع وفق معطياته الانيه لنستبين من خلالها ما ستعكسة مراءة المستقبل القريب(المنظور) والبعيد (الاستراتيجي). من ضمن هذه الأدوات والمعينات هي التحليل وفق منهج إستقرائي يتسم بالعلمية والموضوعية في قراءة ونقد المعطيات من حيث الرجوع لتاريخها بعد أن تعاد قراءتة وكتاتبتة من جديد لاستخلاص العبر توخياً للوقوع فيها وإعادة إنتاجها، مثل مسألة الاقتصاد، ومسألة علاقة الجيش بالسلطة، ومسألة الانتخابات، الخ.. ،وكذلك من ضمن الأدوات والمعينات هي مسألة النقد والنقد الذاتي، النقد الذي اقصده هو القائم على نقد الخطأ او الموضوع في ذاته دون المساس والتجريح بصاحبة وهذا بالتأكيد لا يعني إعفاء المخطئ وعدم محاسبتة، كان تركيزي على الخطأ لان لا يعاد إنتاجه مره اخرى مستقبلاً وان يكون النقد موجهاً عبر مسالكه لا من خارجها، وأن يكون الناقد واعي بحيثيات الموضوع وملم بتفاصيله، النقد قد يكون للسلطة أو الأحزاب أو لسلوك داخل دائرة المجتمع. والهدف الرئيس منه هو أن يتراجع الشخص او الجهة او الحزب عن ذلك العمل أو السلوك والممارسة. أخيرا وليس اخراً التحلي بالإيجابية والنفس الطويل في العمل العام، وأن لا نقع في هاوية التفكير الضيق،أو الرغبوي، لأن السياسة لا تتعانل حسب الرغبة بل تتعامل وفق المعطيات لا التمنيات، وهي في تعريفها العلمي، أي السياسة هي فن إدارة الممكن والحفاظ علي ما تم من مكتسبات والعمل على تحقيق ما يمكن تحقيقه مستقبلاً.