جنوب كردفان . . هموم الناس وغياب الحكومة : احمد مختار البيت

الناس في الاقاليم، قضاياهم وهمومهم، تختلف باختلاف بيئاتهم وطموحاتهم ولكن هناك قضايا يجمعون حولها (اطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) وتبقى احتياجات المواطن الأخرى رغم أهميتها قابلة للتأجيل والمفاضلة، في الصباح الباكر من هذا اليوم السبت 4/9/2021، ودائما لأهل الريف علاقة حميمة بالبكور وأوقات السحر هاتفني صديق العمر وزميل الدراسة حامد حسين حامد، من الليري آخر مدينة في الجنوب الجديد، والتي لا تبعد عن الحدود مع دولة الجنوب سوى كليومترات، لينقل لي معاناتهم الدائمة وهمومهم وكل ما يقلق راحة الإنسان، وفي ظنه أن المسؤولين في الحكومة، يقرأون ما أكتب ويتفاعلون مع قضايا الناس، التي تثار في الإعلام، فحدثني حديث العارف عن الغلاء الطاحن، وعدد لي أسعار السلع الأساسية، ملوة البصل 1000 جنيه. ورطل السكر 200 جنيه. وقطعة الصابونة 250 جنيه. وجوال العيش 10000جنيه وكيس الملح 100جنيه. وأن فئة العشرة جنيهات والعشرين انعدمت في السوق، ولم يعد يتداولها الناس، وغير مبرئة للذمة. والاهم في شكوى حامد أن موسم الدرت بتشديد الدال، لم يعد له وجود وأن قطعة القشطة تباع ب500 جنيه. وحين سألته عن الموسم الزراعي وهو المزارع الهميم والتاجر الكريم, رد علي بآهة من داخل صدره بقوله (التركترات والوابورات موجودة ولكن مافي زراعة، الدهب ما خلى لينا زراعة، الناس كلها مشغولة بالدهب) بالاضافة لضيق المساحات الزراعية، والهاجس الأمني، موضحا أن أي صوت طلقة واحدة في الليل، كفيل أن يجعل كل المدينة تصحو وتمسك بسلاحها حتى الصباح. وأن حركة المواتر ليلاً لم تتوقف، رغم حالة الطواريء المعلنة في الولاية. وعدد حامد أكثر من 16 منجم للذهب في محلية الليري وحدها اشهرها، الأخضر، أم جناح، ام قجة، الكركر، ام قنعان، الترس، القناية، اللفة، حجير مانجيرا، الطيار، دلاس، الدمبلو، لونو، الجبل الاحمر، السد، وفي تلك الاسماء اشارات عديدة لثقافة جديدة غزت المنطقة، تشير إلى الاعداد الكبيرة من المواطنين من مختلف مناطق السودان، التي تعمل في مناجم الذهب التقليدية، لسنوات عديدة، اثرت على البيئة وعلى تقاليد المجتمعات المحلية وثقافاتها. بالاضافة إلى أن المنطقة تحتضن معسكر كبير للاخوة الجنوبيين اللاجئين، قدر عددهم باكثر من 50 ألف لاجيء وأن أهم ما يميز سكان الليري الأمانة والشجاعة والنخوة والتكاتف فيما بينهم، وانهم لا يعرفون الغدر وقطع الطرق على المسافرين، ويمكن الاشارة إلى حادثة اميرهم ادريس عبدالله الذي رفض مبارحة مكانه، بينما هرب كل الذين معه، في الحادثة المشهورة للمحافظ برق في العام 1992 التي وثقتها نساء الليري في اعظم ملحمة لرقصة للدرملي، المهيبة والحديث عن الليري واهلها يطول ونحتاج أن نوثق تلك المعاني والقيم وتدرس للأجيال الجديدة.

فهل يسمع المسؤولون في الولاية والحكومة الاتحادية لشكوى أهل الليري، وهمومهم ومطالبهم المشروعة في الاطعام من الجوع والأمان من الخوف!

نواصل