مأساة الامتحانات واللواري في الفيافي

دروب الحقيقة

مأساة الامتحانات واللواري في الفيافي

بقلم/ أ. أحمد مختار البيت

▪️ كل مفردات التعازي والمواساة لن تعبر عن فجيعة حادث جبل مرة.
▪️مسلة تذكارية في ساحة إدارة الامتحانات حتى لا ننسى، وتحقيق جدي حول الحادث
▪️يحتاج الأمر لمعالجات بقدر أهمية حياة وأرواح الشهداء.
في كل عام تتجدد الأحزان، مع بدايات الامتحان، طلاب وطالبات المدارس، يحملون أحلامهم في المستقبل وما خف من أغراضهم وأدواتهم التي تعينهم على البقاء خارج قراهم في مراكز الامتحانات (المجمعة) التي فرضتها الظروف الاقتصادية الضاغطة، وقلة حيلة المعنيين في إدارة الامتحانات ووزارة التربية، أو الوضع الأمني الهش في العديد من بقاع السودان، وما تحفظه الذاكرة الرسمية والمخيلة الشعبية من تعدي على الامتحانات في أقسام الشرطة، ونهبها، كمثال حادثة دارفور 2003، وحادثة محلية هبيلا بجنوب كردفان.
إن مأساة حوادث المرور لطلاب وطالبات الشهادة السودانية فاجعة تدمي القلب والروح معاً، فهؤلاء الأبرياء والبريئات قد يكونوا حديثي عهد بالسفر، يحملهم الحماس على أشرعته، لتدوين ما حصدوه من معرفة خلال العام، ولكن بؤس واقعنا وتردي بيئتنا وهواننا على أنفسنا جعلنا نسترخص حياة أجيال المستقبل، ولا نكلف أنفسنا عبء توفير السلامة للمسافرين لأداء الامتحان مرة واحدة في العام، رغم أنهم يدفعون قيمة تذكرة البصات المتهالكة أو اللواري القديمة التي تكون غالباً تحت قيادة متهورين، يأخذهم حماس الطلاب وصخبهم المألوف.
لن يكفي نعي وزارة التربية والتعليم لطلابنا ضحايا حادث جبل مرة الأليم أمس الخميس 17/6/2021، وكأن للجبل وسائقي البصات واللواري ثأر مع براءتهم.

ما المفيد؟ على وزارة التربية والتعليم إجراء دراسة ضافية لأسباب هذه الحوادث المتكررة، في مختلف مناطق السودان، ووضع معالجات حقيقية وقابلة للتنفيذ حتى لا تتكرر المأساة حين عودة الطلاب والطالبات الممتحنين خارج مناطقهم إلى أهلهم وقراهم، والأهم من ذلك محاسبة الجهات المقصرة بعد إجراء التحقيق اللازم في ملابسات الحادث، وفحص صلاحية الوسيلة التي كانت تقلهم، والجهة المشرفة على الترحيل وموقف السائق، صحيح كل ذلك لن يعيد لذويهم أرواحهم البريئة التي أُزهقت، ولن تعالج الآثار النفسية التي خلفتها في نفوس الطلاب والطالبات الممتحنين في كل جغرافية السودان، ولكن وبلادنا تستشرف آفاق جديدة بعد ثورة عظيمة مثل ثورة ديسمبر، وما أفرزته من معاني وأدب وقيم ومثل، لابد أن يشعر الجميع بتعامل جدي ومسؤول تجاه التردي الذي تركه النظام المباد، وتغيير في سلوك المسؤولين، في مختلف مواقعهم، مع قضايا المواطنين ومشكلاتهم المتجددة.

كل مفردات المواساة والتعازي في حادث الجبل، أقصر من الفاجعة. فلنعلن الحداد بداية الامتحان غداً على أرواح كل شهداء امتحانات الشهادة السودانية عبر التاريخ، ولنخلد هذه الحوادث الأليمة بمسلة في ساحة إدارة الامتحانات، حتى يتذكر الجميع أهمية العناية بحياة الطلاب قبل أوراق الامتحانات.