حزب البعث وبعثة برنامج الامم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية(يونيتامس) يناقشان متطلبات اجراء الانتخابات العامة
“الهدف”: الخرطوم
التقى في الرابع عشر من ابريل الجاري وفد يمثل حزب البعث العربي الاشتراكي ببعثة (برنامج الامم المتحدة المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية في السودان) في مقر برنامج منظمة الامم المتحدة الانمائي في الخرطوم. وعقد الجانبان جلسة مشتركة، شارك فيها حزب البعث العربي الاشتراكي بوفد ترأسه، نائب امين السر، الاستاذ عثمان إدريس ابوراس، برفقة د.عصام علي وعلاء الدين ابكر وعبدالباقي عمران، فيما شاركت البعثة الاممية لدعم المرحلة الانتقالية بممثلين مفوضين في بعثة المنظمة الدولية جاءوا من مقر المنظمة في نيويورك الى السودان، بطلب من رئيس الوزراء عبدالله حمدوك للوقوف على كيفية ونوع المساعدات التي يمكن تقديمها لاجراء الانتخابات العامة المزمع قيامها لاحقا، وتقصى وجهات نظر الاطراف السياسية المختلفة حول إمكانية اجراء الانتخابات. وحسب وفد بعثة المنظمة الدولية( يونيتامس)، فان مهمة بعثتهم تنصب في البحث عن دعم السبل والانشطة التي تساعد، من وجهة نظر السودانيين، على انجاح اجراء الانتخابات العامة، وانهم سينقلون التوصيات الخاصة بهذا الشأن الى الامين العام للأمم المتحدة، بعد ان يلتقوا التنظيمات السياسية السودانية ومؤسسات المجتمع المدني.
وطرح وفد بعثة المنظمة الدولية تساؤلات عن الراهن السياسي ورأي حزب البعث حول الانتخابات وإمكانية قيامها في الزمن المحدد لها وعن شكل المساعدة التي يمكن أن تقدمها الأمم المتحدة لاجراء الانتخابات.
بدوره ابان الاستاذ عثمان إدريس ابوراس، نائب امين سر حزب البعث العربي الاشتراكي، للبعثة الدولية ان قناعة حزب البعث في التحول الديمقراطي راسخة. وان الحزب قاوم كل الانظمة الاستبدادية في سبيل التحول الديمقراطي، فضلا عن ان البعث مازال يقاوم بدأب الانحرافات والمهددات التي تواجه السلطة الانتقالية الحالية.
واشار في ذلك الى المهددات الامنية الكثيرة التي لم تكن الاحداث الدموية التي شهدتها، مؤخرا، مدينة الجنينة بمعزل عن الاحداث الدموية والتفلتات الاخرى التي عمت بعض اجزاء البلاد.
َواضاف ابوراس ان مدينة الجنينة شهدت أحداث عنف جرت تحت سمع وبصر الأجهزة الأمنية التي لم تحرك ساكنا لاحتوائها. ونوه ابوراس الى ان هذا الخلل الأمني حدث ايضا في العاصمة الخرطوم في جريمة فض اعتصام الشعب السوداني امام مبنى القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة.
وذكر ابوراس ان السلطات العدلية تتحرك تحركاً سلحفائياً تجاه حسم هذه الجريمة التي يجب معاقبة مرتكبيها بالقصاص العادل للشهداء.
وقال ابوراس: إنه في هذا الإطار وضمن الظرف الأمني الذي يعاني منه أبناء وبنات الشعب يصبح الحديث عن الانتخابات كأنه ترف لانه يتجاهل الأساسيات التي يمكن أن تسود وتتوفر عاجلا وفي مقدمتها الأمن والاستقرار والدواء والغذاء.
وذكر ابوراس ان مدينة الجنينة لايوجد فيها طبيب يعالج الحالات التي نجمت عن الاعتداءات الأخيرة، بجانب انسحاب الأجهزة العدلية عن الولاية ولحد الآن لم يفتح اي تحقيق عن الاعتداءات.
واعتبر ابوراس زيارة الفريق عبدالفتاح البرهان الى الجنينة دون اخطار الوالي خطأ يعيد الى الذاكرة لقائه برئيس وزراء الكيان الصهيوني من وراء ظهر السلطة الانتقالية، مبيناً ان الالتقاء بالوالي، وليس تجاهله، والالتقاء بالزعامات الأهلية المحلية من الجانبين يشكل المدخل الصحيح لحل المشكلة.
وحول رؤية البعث للإنتخابات قال ابوراس إن راي البعث واضح منذ الفترة التي اعقبت انتخابات 1986، وان البعث يؤيد اصدار قانون للإنتخابات تجمع عليه جميع القوى السياسية، فيما يشبه المؤتمر، تكون قاعدته الأساسية اجراء الانتخابات على قاعدة التمثيل النسبي، اي تمثيل القوى الحديثة الحية كالمهنيين والعمال والمزارعين والرعاة.
واضاف ابوراس قائلاً إن الانتخابات لن تكون حرة ونزيهة قبل استتباب الأمن وإجراء تعداد سكاني يشمل كل الفئات بما ذلك السودانيين النازحين المتواجدين في معسكرات النزوح او اللجوء في دول الجوار.
وشدد ابوراس على ان المساعدة في اجراء تعداد السكان له اهمية كبيرة في التخطيط. وذكر ابوراس ان التعداد السكاني سيوفر قاعدة بيانات واسعة تساعد في التخطيط والمعالجة.
وأكد ابوراس ان ترسيم الدوائر ينبغي ان يكون على اساس التعداد السكاني وتمثيل القوى المهنية بحيث لايقل عن 20٪ من مقاعد الجمعية الوطنية.
وعن موعد اجراء الانتخابات قال ابوراس إن حزب البعث حريص على ان تنتهي الفترة الانتقالية في موعدها. وانه حريص على نقل رئاسة مجلس السيادة من المكون العسكري الى المكون المدني وفق ماتم الاتفاق عليه في الوثيقة الدستورية وان لايكون هنالك اي ذريعة او مبرر لتمديد رئاسة المجلس العسكري لمجلس السيادة.
ونبه ابوراس الى ظاهرة (عسكرة المجتمع السوداني) بالإضافة إلى القوى الحاملة السلاح وانتشار عمليات تجنيد واسعة للشباب لتكون جزءا من الترتيبات الأمنية. وعليه فان
عسكرة المجتمع بهذه الطريقة لن تسمح باجراء الانتخابات الامر الذي يقتضي نزع السلاح من حامليه لكي تصبح القوات النظامية قوة واحدة متمثلة في القوات المسلحة والشرطة والأمن بحيث لا توجد قوات حركات مسلحة او دعم سريع او غيره.
وخلص ابوراس الى انه بدون ذلك لن تجرى انتخابات حرة ونزيهة ولن تحقق العدالة في ظل تنظيمات تحمل أسلحة ثقيلة. وزاد ان السودان محاط بجدار
من الحروب في ليبيا وتشاد واريتريا و اثيوبيا وكلها تلقي بظلالها على السودان.
واشار ابوراس الى ان خروج بعثة اليوناميد خلق فراغا أمنيا كبيرا أدى إلى سلب ونهب ممتلكات المواطنين وممتلكات (تركة) اليوناميد تم الاعتداء عليها.
واقترح ابو راس، في حال اجراء الانتخابات، تخفيف الرسوم على المتنافسين، وتحقيق العدالة في اعطاء فرص الظهور على المؤسسات الإعلامية المملوكة للدولة بجانب تحديد سقف مالي للصرف على الحملات لخلق عدالة بين الرأسماليين وعامة الشعب.
وطالب ابوراس بالإسراع في اكمال هياكل السلطة الانتقالية لاسيما المجلس التشريعي والمفوضيات.
كما طالب بدعم لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو في جميع المجالات. وقال بدون التفكيك الكامل فان ذلك يعني الاتيان ببدائل زائفة تمضي على غرار برنامج النظام البائد.
واشار نائب امين سر حزب البعث العربي الاشتراكي الى اهمية ان تلتزم مؤسسات السيادة والوزراء بحدود صلاحيات كل منهما، بما لا يسمح بالتعدي على صلاحية الاخري، أو ما تم تحديده لهما من صلاحيات في الوثيقة الدستورية، ضاربا مثالا لذلك بقوله: “إن خطوات ما يسمى بالتطبيع وعدم الالتفات لرؤية قحت لا سيما فيما يخص إعادة تأسيس السياسة الاقتصادية”.
ولخص نائب امين سر البعث رؤية الحزب وما يتوقعه من مساعدات
من الأمم المتحدة حول مسألة اجراء الانتخابات بقوله: إن المساعدة في إجراء التعداد السكاني الشامل إضافة للعون الإنساني في المناطق التي شهدت اقتتالا مؤخرا كالجنينة هي ما نتطلع اليه من مساعدات عاجلة..أما فيما يتعلق بزمن اجراء الانتخابات، فإن ذلك، ومع حرصنا على أن تنتهي الفترة الانتقالية في زمانها المحدد بدون تمديد، فإن المطلوب هنا هو الحيلولة دون مخطط عسكرة البلاد وذلك بوحدة المؤسسة العسكرية واعتبارها الوحيدة المعترف بها وصاحبة صلاحية حمل السلاح وجمعه من المليشيات المتناسلة والتي تقوم الآن بتجنيد آلاف المواطنين بمغريات مادية تحت سمع وبصر الجهات الرسمية وفي قلب العاصمة”.
واضاف: “لا يستقيم الحديث عن إجراء انتخابات في البلاد التي ينتشر فيها حمل السلاح خارج مسؤولية الدولة”..
مؤكدا حرص البعث على الانتقال صوب توطين الديمقراطية والسلام، مضيفا بأن على الجميع لاسيما أطراف السلام، إدراك أن إنزال اتفاقات جوبا على الارض في ظل الأوضاع الاقتصادية المازومة أمرا لا يتوقع تمامه في الفترة الانتقالية، بل هو جهد مطلوب الصبر عليه ومغادرة عقلية العودة للقتال إلى الابد..