وسلام يا وطن المفارقات والغرائب وحيدر خير الله

دروب الحقيقة

ذلك كل ما جرى
وسلام يا وطن المفارقات والغرائب وحيدر خير الله

بقلم: أحمد مختار البيت

1 )
أُخطر د. يوسف آدم الضي وزير الحكم الاتحادي من قبل أحد مساعديه أن هناك مواطنين يودانه في دقائق معدودة وهو خارج مكتبه، فاستجاب لهما على الفور، منهم الأستاذ حيدر أحمد خير الله الذي لم يكن يعرف د. يوسف من قبل، وملخص اللقاء القصير وهم وقوف في الشارع أن لديهم مبادرة لإعادة والي النيل الأبيض المكلف الطريفي إلى موقعه، بعد أن ثارت جماهير النيل الأبيض، نتيجة الأزمات المتلاحقة في الولاية، وأصرت على إنهاء تكليفه، فاستجابت الحكومة، لرغبات المواطنين، وكلفت السيد الوزير بمهام الولاية لفترة محددة قد لا تتجاوز أسابيع لمعالجة الوضع،
نزل الوزير عند رغبة الذين طالبوا بلقائه لدقائق، وقال لهم أنه لا مانع لديه إذا أقنعوا مواطني الولاية بمضمون المبادرة، وحين زار الوزير الولاية لإنفاذ التكليف، التقى بالجهات المعنية في قوى الحرية والتغيير ولجان المقاومة، والأجهزة الحكومية المعنية، وبعد خروجه من اجتماع وجد الأستاذ خيرالله وآخرين أصروا على أن يجتمع بهم أيضاً. وهنا قال الوزير لخير الله أنا جئت هنا ممثل للحكومة ولم آتي سياسيا، لمعالجة مشاكل السياسيين، فأين الكذب الذي يدعيه الأستاذ حيدر على الوزير والوالي المكلف للولاية؟
2 )
وحين فشل الأستاذ حيدر في إقناع الوزير بلقاء آخر، بدأ مهاتراته وسبابه، فهل كان يتوقع أن يهاتره الوزير ويقيم ركنا للنقاش، في ساحة رئاسة الولاية، يتحدث فيه عن السياسة ونظام الحكم وعن نضالاته وخبرته وفكره وموقعه في الثورة ،حتى يقتنع الأستاذ حيدر بصواب اختياره من قبل حكومة حمدوك وقوى الحرية والتغيير؟!
3 )
تلك بإيجاز قصة الأستاذ الكبير، والجمهورى المتمرس في الجدل والنقاش الفكري والسياسي والفلسفي، والكاتب الصحفي مع د.يوسف آدم الضي وزير الحكم الإتحادي، والمكلف مؤقتا بإدارة ولاية النيل الأبيض
4 )
في ذات اليوم ورغم المناوشات وافتعال المعارك التي أثارها صاحب المبادرة، واصل د. يوسف عمله، بصورة متصلة وأصدر قرارات مهمة انتظرتها جماهير النيل الأبيض طويلا حيث:
أصدر قرارا قضى بإيقاف كل التصاديق الخاصة بالأراضي سواء كانت سكنية أو زراعية أو ميادين عامة أو ساحات، أو تغيير أغراض إلى حين إشعار آخر
وذلك:
للتجاوزات العديدة في هذا المجال والتعدي على المساحات المخصصة للزراعة، وتخصيص مساحات واسعة لشركات بزعم الاستثمار، ولكنها تستغل في حدود ثلثها وتبقى المساحات الأخرى محجوزة لصالحها بلا مسوغ. بالاضافة للنزاعات حول الأرض في بعض المواقع التي تحتاج لمعالجات منصفة وعادلة.
5 )

والوزير الذى حدثنا الأستاذ حيدر أحمد خير الله عن علم السودان الذي يضعه في صدره، وصف العربات الطويل الذي شاهده بقربه حين التقاه في ولاية النيل الابيض، لم تكن سوى سيارات محددة لوزارة الحكم الإتحادي والوزير ذهب بسيارة واحدة بدون أي ترتيبات أو بروتوكولات، أم كان على د. يوسف أن يسافر بركشة من الخرطوم إلى كوستي حتى يقتنع (تيار الوسط) أنه ينتمي للكادحين والفقراء والمعذبين في النيل الأبيض، وهل عدم معرفة حيدر خير الله بالوزير ونضالاته الطويلة وخبرته والمهام الصعبة التي كان يقوم بها خلال فترة مقارعة نظام الإنقاذ، مبرر لكل قاموس الشتائم الذي أفرغه في عموده الصحفي لعدة أيام؟ وما زال، ومن الذي أحق أن يقال له (كل أناء بما فيه ينضح) ولماذا لم يسأل الأستاذ حيدر الجمهوريين عن د. يوسف إذا نسى أو تناسى، الذي أستضاف الجمهوريين، وكان يرتب معهم فرص أن يقولوا ما يريدون، حين ضيق عليهم النظام مساحات الحرية وحرمهم حق التسجيل، وبالمنطق كده كما يقول الكتيبابي هل يفرح وزير مسؤول عن ولايات السودان كلها إذا كلف بزيادة أعباء أضافية أم يحس بالهم وعظمة المسؤولية الوطنية؟! دعونا نعرف.
الوزير الذي أغضب حيدر خير الله وجعله يكشف عن دواخله التي تتناقض وإرث الجمهوريين في الخلاف والاختلاف والحوار والإقناع
أصدر في ذات اليوم الطويل قرارا قضى بمنع بيع الوقود المسرب في طول الشارع الرئيسي في كل ولاية النيل الأبيض، واتخاذ كافة التدابير الأمنية والإدارية والقانونية لمنع تسريب الوقود، السلعة الإستراتيجية التي تهدد، سير حركة المواطنين وسبل معيشتهم، بدرجة كبيرة، كل ذلك عبر لجنة أمنية معنية به تتابع تنفيذه على طول الوقت وحسم المخالفات والوقوف على أحوال المواطنين.
وكانت زيارة الوزير المكلف بأمر الولاية ليوم واحد قد عالجت أيضا أزمة إضراب المعلمين بالدرجة الثامنة والتاسعة الذين لم يصرفوا استحقاقاتهم لمدة سبعة أشهر، تمكن د. يوسف من معالجتها وتسوية الأمر وبدأ المعلمون على الفور في صرف استحقاقاتهم. وعلى الأخ حيدر أن يسأل حيدر لماذا لم يصرف المعلمون استحقاقاتهم كل هذا الوقت خلال فترة الوالي الطريفي الذي يطالب بإعادته للمنصب!
6 )
حسنا
وهناك الكثير المثير من القرارات في جعبة الوزير لصالح جماهير النيل الأبيض، عجز الطريفي الوالي العسكري المكلف الذي يدافع ويعمل الأستاذ حيدر خير الله لإعادته للمنصب عن اصدارها وهى قرارات لا تحتاج سوى لإرادة وطنية وسياسية تستلهم رغبات الجماهير، ولا تحتاج أن نقود المبادرات ونشتم وزراء الثورة، وقوى الحرية والتغيير ونهددهم وننصب من انفسنا حكاما، نحدد للمسؤولين ماذا يلبسون؟ ومن يقابلون؟ ولا نفصح للجماهير التي ندعي الحديث باسمها وباسم ثورتها لماذا نسعى لإعادة والي عسكري مكلف رفضته الجماهير، والمفاوضات الجارية في جوبا تقول إن الوقت قد أزف لإنهاء تكليف كل العسكريين في الولايات، والسؤال الحائر ما الذي يربط بين حيدر وحيدر إن لم يكن في الأمر (إن ) زوابع التوم هجو والمسارات المعلقة في الفضاء المشاع ليست بعيدة.
.6 )
وأخيراً فإن محاولة إثارة الضباب وخلط الأشياء والتباكي على الثورة، ودغدغة عواطف الناس بالحديث عن الصبة والشوارع التي لا تخون، فإنها آخر ما يمكن أن تخيف د. يوسف، الذي عرفته الشوارع والمدن والمواكب والمظاهرات والاعتصامات والمواقف الصعبة منذ أن كان طالبا يافعا في الثانويات، وهو الذي أتى للوزارة من قلب المواكب واجتماعاتها السرية، وعرفته ميادين الثورة وتجمعاتها وقدمته للمنصب بمؤهلاته، وقدراته ولم يعترض حينها حيدر خير الله ولا تيار الوسط ولا حمدوك، وإذا وافق د. يوسف على عودة الطريفي نزولا لرغبة خير الله الخاصة هل كان سيثير كل هذا الحديث وينفث كل هذا الغضب والأحاديث التي لا تشبه الجمهوريين وثقافتهم.؟!
وإذا كان حيدر خير الله من الساعين لوحدة (الأمة) أفريقيا؛ فأبشره بأن د. يوسف من أوائل الداعمين لها ودونك رسالته، لنيل درجة الدكتواره ستكفي لمعرفة أفكار الرجل ونظرته للحياة والسياسة ومرجعيات ثقافته ورؤاه، أما محاولات التشويه والحديث عن البهرجة والتشبه بالكيزان فهي من المضحكات والمفارقات لن تنال من د. يوسف القادم من عمق الريف والبسطاء والزاهدين في الحواري وساحات التصوف وبيوتاته، وإلا فليحدثنا الأستاذ الكبير عن المساكين والفقراء الذين كان معهم حيدر الطريفي الذي يريده والياً للنيل الأبيض، وأين هي الركشات وعربات الكارو التي كان يستغلها وهو يخدم الجماهير الكادحة في الشوارع والأيتام والأرامل وصغار الموظفين والمعلمين وعمال المشاريع، والطريفي نفسه يعرف أن د. يوسف لم يبخسه جهده وعمله خلال فترة توليه منصب الوالي مكلفا.

والذي لم أستطع فهمه أن الأستاذ حيدر أحمد خيرالله في حدود علمى صحفي مقيم بالخرطوم والمنطق يقول أنه ضمن منظومة الحرية والتغيير في الخرطوم أو قل على مستوى السودان. فهل هذا الوضع يعطيه الحق، ليقرر بشأن جماهير الولاية وقوى الحرية والتغيير فيها ومنظماتها المختلفة؟ أفهم أن تقوم جهة ما أو أشخاص من أي مكان في السودان بمبادرة لمعالجة أمر أو حل أزمة ولكن لا أتصور أن تخلق المبادرة أو الجودية أزمة جديدة، وتتبنى القضية نيابة عن المعنيين بها، وسلام يا وطن الثورات والمفارقات والغرائب.

وفي قادم الأيام نروي عن أعشاب النيل الأبيض عن أحلام أهلها المسروقة والقرارات المنتظرة من الوزير والوالي المكلف.