الفرعون الخديج

الفرعون الخديج

بقلم: فضل الله مختار

يتدرج القوم من المراحل الأولى التي يلجونها غالباً بالهتاف الزائف بالتمسك بالاسلام، تارة بالتحسس على محيطهم الأقرب في العمل أو السكن أو غيره، وتارة بتقديم خدمات غير مرئية تبقى في نطاق ضيق في أغلب الأحيان، لكن حين يتمكن الواحد منهم ويتقدم في سلمهم، فإنه يعلن ذلك دون أن يدري بحمل عصا لا يهش بها إلا على غنم إبليس كما يبدو، وللعصا تاريخ طويل منذ موسى عليه السلام، فالسحرة حاولوا القضاء على موسى ونبوءته بالعصي والحبال التي خيُّل إليه أنها تسعى، لكن عصا موسى قضت على عصيهم وحبالهم جميعا، وكان ذلك سبباً في إيمانهم بعد أن أقام عليهم موسى الحجة، ولكن المفارقة كبيرة جدا بين عصي القوم وعصا موسى، لكن الشقة تضيق اذا ما قارناها بعصي قوم موسى، ودرجة حمل عصا عند القوم ليست متاحة إلا لأولئك الذين تتوفر فيهم صفات محددة، ليس من بينها الكفاءة، كما بدا لي من خلال الملاحظة المستمرة طوال الثلاثين عاماً الماضية من تاريخ السودان.
لذلك فإن الكثير منهم يحاول أن (يتفرعن)، رغم عدم توافر عناصر (الفرعنة) لديه، في محاولة للانتقال الى درجة حمل العصا التي تسقط له النظم واللوائح والقوانين، وتترك الباب موارباً للاغتناء على حساب كل شيء، ولذلك تجدهم في صمت قاتل طالما كانوا حاملين للعصا، ولكنهم يعودون إلى لبس جلباب الاختلاف متى ما زالت عنهم العصا لأي سبب كان، ويصرخون بالشعارات التي تتدثر بالاسلام والمصلحة العامة، وهو الهتاف الذي بدأوا به حياتهم، ويعلنوا ذلك من خلال أفعالهم القديمة التي تتمثل في تخطي رقاب الناس في المساجد والمناسبات والأماكن التي تتيح لهم اعلاماً شعبياً يعمل على إيصال ذلك إلى من يصرح مجددا بحمل العصا لأيٍّ منهم، وهذا هو السبب الحقيقي لوجودهم هناك،
فإذا تفرعن أحدهم فجأة فأبحث عن دافعه المحتمل، فهم لا يتفرعنون إلا بناءً على سبب شخصي، فالعام لا يعنيهم إلا حين يريدون استخدامه للوصول إلى الخاص.
فالفرعون الذي ظل صامتا من أمد بعيد، كان (خاصه) يسير على قدمٍ وساق، انتفض فجأة وتذكر احصاءاته الفطيرة ورمى بها هكذا دون مراجعة أو حساب، لأنه لا يعنيها أصلاً بقدر ما كان يهدف إلى سبب آخر إذ ربما كان يتوقع أن يسمع اسمه في الإذاعة أو التلفزيون من أولئك الذين صُرّح لهم بحمل العصا، وكان لا بد من فعل يقول (نحن هنا).
والأ فإن احصاءاته تحسب عليه لا له، فإذا قُدّر ل 1000 شخص فقط تحريك الشارع السوداني وتواتر ثورته واستمرارها، فهذه شهادة على قدرتهم بالصدح بالحق والتصريح به، فقد خابت من قبل مسرحية دارفور والمندسين والمخربين وما شابه ذلك، فكيف لعدد قليل بهذه الصورة أن يُفعِّل الاحتجاج! فالسيرة النبوية التي يتشدق بها الفرعون الخديج تقول أن الرسالة نفسها لم تبدأ إلا بأشخاص يمكن حسابهم على أصابع اليد وموسى عليه لم يجد إلا شقيقه ليشد أزره، ولكن الثورة انتصرت بهم وبغيرهم.

#مدن_السودان_تنتفض
#على_طريق_الاضراب_العام_حتى_اسقاط_النظام
#موكب21مارس