مشهد

الهدف_ثقافي
مشهد

أميرة جودة

معقولة يا سعاد…؟؟؟  ده كلو يطلع منك انتي؟؟ تخذليني يا سعاد انتي ما  غيرك ؟؟؟ توقعي كلمتي الأرض وتسودي وشي وسط الناس.. وما تشتغلي بي كلامنا الشغلة؟؟؟
– انت اكتر زول عارف يا ابوي انو انا آخر زول في الدنيا دي يخزلك… ولا يكسر ضهرك بي شينة…
طيب الحصل ده شنو  وحصل ليه.. فهميني؟؟؟ مش قبل كده اتناقشنا واتفقنا انك تشوفي بيتك وأولادك و تديهم الأولوية؟؟
– منو القال ليك يا أبوي أنا مقصرة في بيتي وأولادي ولا مشغولة عنهم ولا قدمت حاجة عليهم بالعكس… الأنا عملتو ده أكبر دليل على حرصي عليهم وعلى مستقبلهم وعشان أضمن حياة أفضل ليهم ولي غيرهم..
حياة أفضل كيف وهم شايفينك بتعاندي في أبوهم وحاسين بالفجوة بيناتكم..
– شوف يا أبوي.. انا طول عمري ساكتة وماشة جنب الحيط… وصوتي ده ما طلع إلا لما اتاكدت تماما انو سكاتي ده بيخسرني أكتر مما بيكسبني…. ولا قدرت أرضي نفسي ولا قدرت أرضي أي زول يبقي في شنو السكات؟؟؟
مش انت كنت بتقول يا أبو انوي التغيير ده بقدر ما هو مسئولية الفرد كمان مسؤولية جماعة.. وحتى لو  حصل من فرد واحد أبدا ما حيكون بالمستوى المطلوب… ولا حتى حيكون في مصلحة الجماعة كلهم…. انا حبيت أقول انو السكات عندو حدود.. وانو التغيير ممكن يكون بألف طريقة و طريقة..
دايره تقنعيني انو دخولك السجن واحدة من الطرق دي؟؟؟
– السجن ده ما كان اختياري أنا يا ابوي ولا بارادتي… على الأقل إنتو فاهمين وعارفين إني ما كنت في الانضباط ولا قبضوني شرطة النظام العام أو الآداب..
الفرق شنو يعني… كلو ذلة و مهانة كان ليك ولا لينا!
– معقول يا أبوي إنت البتقول الكلام ده؟ انت الربيتنا علي انو الزول يقول كلمة الحق حتى لو السيف مسلط علي رقبتو!
يا بتي الزول بيقول كلمة الحق لما يكون في زول بيسمع.. لكن ديل عالم لا بتسمع لا  بتشوف حتى..
– طيب دي ما مسئوليتنا نحن نخليهم يشوفو ويسمعو ويفتحو اضنيهم للآخر..
طيب هسه أنا أعمل شنو ولا أقول شنو؟
– تقول لي منو؟؟؟؟
للناس الساكتة و بتتفرج  على البحصل
ولا لي حسين الاتنكر لي أم اولادو لمجرد انو استدعوهو للتحقيق…. والله يا أبوي قدر ما اتذليت واتهنت ما زعلت قدر ما زعلت واتهنت من موقف الجبان قدام الأمنجية….. حسيت إنو هو العراني قدامهم… كشف سترى وكسر ضهري…
يا بتي ما تظلميهو قدر ده.. كمان هو ليهو عزرو  ومنطقو البرر  بيهو تصرفو…
– لا لا يا أبوي …معليش قاطعتك.. لكن هو ما  عندو أي عذر ولا مبرر للحصل ده… مهما كانت أعذارو هي مرفوضة بالنسبة لي وأنا خلاص الحبل البيني و بينو اتقطع!
يعني شايفاها مقبولة يا بتي، انتي تطلع مظاهرات ويعتقلوك ونحن الرجال قاعدين في البيوت…
– تاني نرجع لي دور كل زول وكيف بيأديهو حسب ظروفو…. والأهم من كده حسب قناعاتو… قناعاتو يا أبوي… حسين ده فاكر إنو اشتراني من سوق النخاسة… يتحكم في أكلي وفي شرابي… في ضحكي وونستي حتى مع وليداتي… يتحكم حتي في لبسي الجوة البيت مش وأنا طالعة…. يا أبوي ده قرب يحسب لي النفس الطالع ونازل…. هو لسه عايش دور السلطان والحريم و الجواري.. زمن الخنوع والخضوع… ولو حاولت تناقش بس تطلع ناشز… وقربت اكفر بي كلام الله ورسوله…. هو الله قال المره دي خلقتها ليك عشان إنت تأمر وهي تقول جداً وحاضر وبس؟؟؟
بس يا سعاد انتي عارفة حسين ده البيئة الإتربى فيها كيف.. والتكوين الثقافي والاجتماعي ليهو.. وصعوبة تغيير الحاجات دي جوه أي زول مهما كان فكرو و مستوي تعليمو.. دي حاجات ليها آلاف السنين ما من السهل تغييرها…
– ده منطق العاجزين وقليلين الحيلة يا أبوي… دي الانهزامية المفرطة البينتهي بيها الجدال دايماً قبل ما يبدأ لما يكون الموضوع عن حقوق المرأة ودورها في المجتمع… ده البسمهو كسير المقاديف……
صحيح أنا عارفة بيئة حسين هي شنو لكن هو كان دايماً قبل الزواج بيتكلم عن أمله في تغيير المجتمع ابتداءً من أمو وأخواتو… لأنو تحرير المجتمع للنساء لابد يبدأ من النساء أنفسهم…. يقوم لما يتزوج و يبقي عندو بنات… يستلف عقلية أبوهو و جدو وكمان معاهم السوط… ينصب نفسو الحاكم والقاضي والجلاد؟؟؟
نحن زمان يا أبوي كسرنا قيود العبودية دي قيود الأمية والجهل والخرافات البتحكمو فينا… مرة باسم العيب ومرة باسم الحرام…. تتذكر لما حكيت لينا عن شدة اعجابك واحترامك لي فاطمة أحمد إبراهيم و كيف شاركت معاكم هي وزميلاتها في إنجاح ثورة 64… وتتذكر لما أصريت تسمي أخوي نضال وقلنا ليك ده اسم بنات… قلت النضال عمرو ما بيخضع لي تصنيف المذكر والمؤنث؟؟؟..
بتتذكر يا ابوي لما كنت تجي تلقانا أنا وأخواتي في غرفتنا و نقول ليك احكي لينا حكاية… ما خليت سيرة مرأة نضالية ما حكيتها لينا ابتداءً من كل النساء المذكورات في القرآن..ناس السيدة العذراء وبلقيس وامرأة العزيز ونساء المؤمنين، وكيف السيدة أسماء كانت بتتخفى عشان تجيب الأكل للرسول عليه الصلاة والسلام وتجيب ليهو أخبار قريش… عن سمية زوجة ياسر و العذاب الاتعرضو ليهو عشان يكفرو .. السيدة عائشة والفتنة…. عن النساء الكانن سبب في إيمان رجالهم… وعن نشرهم للدعوة…..
وحكيت لينا عن الكنداكات السودانيات… وكيف كانو بيعظمو المرأة في الممالك القديمة…. عن مهيرة بت عبود وأهازيجها كيف ثبتت الرجال في الحرب هي و رابحة الكنانية  وكيف وحدت ماندي عجبنا كلمة 17 ملك في جبال النوبة  وهي شايلة رأس أبوها الكتلوهو الإنجليز…. وكمان أخت عبد القادر ود حبوبة  بعد أعدموهو عملت شنو… حكيت لينا عن كمية أصحابك السمو بناتهم جميلة تيمنا بي جميلة بو حريد….. ديل كلهن يا أبوي ساكنات هنا  في ذاكرتي و كنت دايماً بسال ربي إنو يقدرني وأكون زي أي واحدة منهم…
وأهو جا اليوم  يا أبوي البنطلع فيهو عشان نسمع صوتنا للناس.. نحتج… ونشجب.. ندين… ونعترض على أي انتهاك لي حقوقنا…. وحقوق وليداتنا… يا أبوي نحن بقينا نجابد اللقمة.. ونكابس للتعليم والكلمة ونموت قبل ما تصلنا الحقنة.. نحن ما طالبنا بي رفاهية…. دي أبسط حقوق للبني آدم… والليلة لو كل الناس كده ما بيكون في مشكلة… لكن عدم المساواة و غياب العدل.. ده ياهو ذاتو البجيب الوجع الما ليهو دوا..!
و الله يا بتي غلبني انضم … أقول شنو بس غير إنو الخوف عليكم بيكون صوتو أقوى من أي حاجة تانية….
– ياهو خوفكم ده السكتنا لما طلعنا 2013.. ومنعتونا ننضم ولا نقول حاجة… البمبان وصوت الرصاص خلاكم مشدوهين بالخوف على أولادكم ورضيتو بالذل من جديد وأهو حصل شنو ولا اتغير شنو.. غير خسرنا نفسنا وراح دم الشهدا والجماعة شمتانين ومادين لسانهم لينا.. وزادونا بدل الصاع صاعين… في كل حاجة بقينا أسوأ… وضاعت كمين سنة من عمرنا…. في كل الحالات نحن النساء الأكثر خسارة لكل شيء….
خسرنا أولادنا وأخوانا… أزواجنا وأبواتنا.. إما استشهدوا وإما معتقلين.. خسرنا استقرارنا الأسري لما بقى كل همنا كيف نأكل ونشرب كيف نمشي المدارس ونقرأ كيف نتعالج… بقى أبسط حاجة لو عايز تزور جارك تشيل الهم..
خسرنا حريتنا لما اتحكمو فينا باسم الدين لما ألزمونا بالحجاب وسرقوا مننا التدين لما انتهكو شرفنا وعفتنا وبقو يتحرشوا بينا    على عينك يا تاجر… لما حرمونا فرصة التنافس الشريف على مقعد دراسي أو وظيفة  وبقت للمحسوبية والمصالح الشخصية…. لما يبقى تلميذك البليد هو رئيسك… لما تبقى جارتك وصحبتك هي البتخونك و تتجسس عليك…. لما يبقى كل الطموح عند أولادنا مرتبط بي تأشيرة خروج من البلد حتى لو كانت مهن هامشية.. يبقى فاضل شنو يا أبوي يستاهل السكات عليهو؟
– أعفي لي عليك الله يا أبوي وجعت رأسك… بس عايزاك تعرف أنا ليه طلعت مع زميلاتي الشارع… ليه غلبني السكات…. وليه كسرت القيد بتاع حسين….
أنا ما كسرت ضهرك ولا خزيتك يا أبوي… عمري ما أعملها..
الله يديك العافية ويصلح حالك وحال البلاد يا بتي…. شرفتيني والله ورفعتي راسي ….. وفي ستين حسين لو ما جا سلم عليك في رأسك وأعتذر..
– الله يعزك يا أبوي ويديمك فوق راسنا…
ما قلتي لي يا سعاد…..
– نعم يا أبوي
الموكب الجاي متين ووين؟؟؟

(انتهى)..