حين تتقاطع البنادق… وتنكشف العورة الكبرى للح-رب في السودان

صحيفة الهدف

م عبدالمنعم مختار

#الهدف_آراء_حرة

في جلسة الاستيضاحات بمجلس الشيوخ الأسترالي، انكشفت حقيقة صادمة، لكنها في جوهرها، ليست غريبة على من يعرف كيف تُدار الح-روب بالوكالة في منطقتنا: صادرات عسكرية أسترالية تصل إلى الإمارات، ثم تشق طريقها لاحقًا إلى طرفي الح-رب في السودان، الجيش والدعم الس-ريع معًا، وكأن الدم السوداني مجرد معبر لصفقات سلاح لا تعرف الولاء إلا لمصالح من يصنعها ويبيعها.

هذه المعلومة، التي فجّرها السيناتور ديفيد شوبريدج ليست مجرد بند في محضر لجنة، بل صفعة سياسية تُسقط آخر أوراق التوت عن أطراف الح-رب وأذرعها الإعلامية. فمنذ اندلاع الصراع، لم يدّخر كل طرف جهدًا في تصوير نفسه “ضحية التآمر الأجنبي”، و”الحارس الأمين” للسيادة الوطنية، بينما يتهم خصمه بالارتهان للخارج. الجيش يقول إن الدعم الس-ريع يستقوي بالعواصم الخليجية. والدعم الس-ريع يردّ بأن الجيش يستنجد بمحاور المنطقة وحلفائها الدوليين. وبين الاتهامين، تواصل البوارج والطائرات والحقائب الدبلوماسية حمل أدوات الموت ذاتها إلى طرفي النزاع دون تمييز.

الإعلام التابع للطرفين يملأ الفضاء بزعيق الوطنية الزائفة: تارة عن “جيش يحمي الأرض والعرض”، وتارة أخرى عن “قوات تحارب الدولة العميقة”. لكن وقائع الأسلحة العابرة للحدود تكشف حقيقة مُرة: كلاهما يتغذى من شريان خارجي واحد، ويتكئ على رعاة إقليميين ودوليين يديرون المشهد بما يخدم مصالحهم الاقتصادية والجيوسياسية، لا بما يخدم السودان، الذي يتآكل يومًا بعد يوم.

الح-رب، كما تُظهر تسريبات السلاح الأسترالي وغيره، ليست معركة بين مشروعين وطنيين كما يُراد للسودانيين أن يصدّقوا، بل صراع بين وكلاء محليين يتبارون في خدمة أجندات أكبر منهم. طرفا الح-رب ليسا أكثر من أدوات في يد لاعبين أضخم، يتبادلون النفوذ فوق جغرافيا منهكة وثروات منهوبة وشعب يُساق إلى الفناء دون أن يُستأذن.

لقد آن للسودانيين أن يدركوا أن معركتهم ليست معركة جيش أو مليشيا، ولا معركة علم أو منصة إعلامية، بل معركة تحرير إرادتهم من شبكة مصالح دولية وإقليمية وجماعات محلية لا يربطها بالوطن إلا ما يجلبه من غنائم. وإلى أن يتوقف السودان عن كونه ممراً للسلاح ومقبرة لأبنائه، سيظل الحديث عن الوطنية مجرد صدى لا يسمعه إلا من يطلقه.

الحكمة التي يجب ألا تغيب: كل ح-رب يديرها الخارج ويقات-ل فيها الداخل… لا تنتج دولة، بل مقبرة لدولة كانت هنا.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.