أعلن اتحاد الأدباء والفنانين بولاية البحر الأحمر في بورتسودان، الأسبوع الماضي، منح (الفنانة) عشة الجبل عضوية الاتحاد والسماح لها بمزاولة نشاطها الفني داخل الولاية.
نعم.. هي ذاتها (الفنانة) التي أسقط الاتحاد المركزي للفنانين السودانيين عضويتها قبل أيام، بسبب “سلوك مشين يتعارض بشكل صارخ مع رسالة الفن الغنائي السامية التي يسعى الاتحاد إلى ترسيخها في الوسط الفني”، في وقت ظل فيه قرار منحها لقب «فنانة» أصلًا مثار جدل وغموض يمس معايير عضوية اتحاد الفنانين الذي ترأسه يومًا أحمد المصطفى ومحمد الأمين.
أثار القرار جدلًا واسعًا، ليس فقط من ناحية الانقسام المؤسسي، بل لأنه يعكس الواقع المؤلم للساحة الفنية، حين تتحدى فروع الاتحاد المركز. ولا غرابة في واقع السودان اليوم… فالمليشيات تتحدى الدولة وجيشها، فما بالك بفرع اتحاد! وهكذا يصبح الفشل والإهمال عنوانًا لمختلف المستويات الإدارية.
بورتسودان، في هذا السياق، لم تعد مجرد عاصمة إدارية بديلة، بل أصبحت رمزًا للفوضى والانحطاط الفني الجديد، كما أصبحت عنوانًا للفراغ الذي تتيح فيه اللوغاريتمات الإدارية والفجوات المؤسسية إعادة تدوير الفساد في كل أشكاله.
ظاهرة (القونات) هي نتاج طبيعي لضعف الساحة الفنية وإهمال المؤسسات الرسمية، وهي صورة بارزة للتمرد على قيم المجتمع، ولانحدار المعايير الفنية إلى مستويات مثيرة للجدل. وقد نجحت هذه الفئة في بناء سلطتها الخاصة وخلق مجتمعاتها المتحررة، مستفيدة من الفراغ المؤسسي والفوضى التي تعصف بالمشهد الفني والثقافي، لتصبح الظاهرة مرآة تعكس الصراعات الاجتماعية والسياسية التي خلّفتها الحرب، وما حملته من اضطراب في القيم والإدارة.
والأخطر أن مثل هذه الفئات جرى استغلاله أحيانًا في تغذية خطاب الحرب ودعم معسكراتها، ما يجعلها جزءًا من لعبة أكبر من مجرد فن أو أداء شخصي.
إن عودة عشة الجبل عبر اتحاد بورتسودان لا تكشف فقط عن الانقسام المؤسسي، بل تؤشر أيضًا إلى الفجوات الإدارية التي تسمح بتمرير قرارات تبدو صغيرة لكنها تحمل انعكاسات كبرى؛ فهي علامة على هشاشة الإدارة وضعف المعايير، وقدرة اللوبيات على حماية مصالحها على حساب منظومة الرقابة الأخلاقية.
المشهد الفني في السودان يطرح اليوم أسئلة كبيرة: كيف يمكن للفن أن يزدهر وسط فوضى المؤسسات؟ وكيف يمكن للقوانين والاتحادات أن تحمي الفنانين والمجتمع معًا؟
#السودان #فوضى_المؤسسات #الفن_السوداني #عشة_الجبل #بورتسودان #الوسط_الفني #ملف_الهدف_الثقافي #إعلام

Leave a Reply