كل فتاة بأبيها مُعجبة: الأب كرمز للحماية ومعيار للثقة

صحيفة الهدف

تماضر السني

تُعدّ مقولة «كل فتاة بأبيها مُعجبة» من أكثر العبارات تداولًا في المجتمع، لكنها في جوهرها تحمل أبعادًا اجتماعية ونفسية عميقة، تتجاوز ظاهرها البسيط إلى بنية العلاقات الأسرية ودور الأب في تشكيل وعي الفتاة ونظرتها للعالم من حولها.

من الناحية النفسية، يمثّل الأب عند الفتاة النموذج الأول للرجل في حياتها، فهو رمز الحماية والسند ومصدر الأمان العاطفي. في حضوره تتكوّن الثقة بالنفس، ومن تصرفاته تتشكل معاييرها في تقييم الآخرين. فالأب هو أول من يمنحها الإحساس بالقبول والانتماء، وأول من يزرع فيها ملامح القوة والحنان معًا. لذلك، فإن غيابه أو قسوته لا يمران دون أثر، بل قد يتركان فراغًا عاطفيًا كبيرًا ينعكس على اختياراتها وسلوكها لاحقًا في الحياة.

اجتماعيًا، تكشف علاقة الأب بابنته عن مستوى التوازن داخل الأسرة. فكلما كان الأب حاضرًا ومتفهّمًا، نمت شخصية ابنته بثقة واستقلالية، وتمكنت من خوض الحياة العامة بوعي ومسؤولية. أما حين يسود التسلط أو التجاهل، فإن الفتاة تكبر في ظل شعور بالهشاشة والبحث الدائم عن تقدير لم تتلقّه في بيتها الأول.

وفي السودان، تقدم الفنانة الراحلة حواء الطقطاقة نموذجًا واضحًا لدور الأب الإيجابي في حياة ابنته. فقد كان والدها أول من آمن بموهبتها وشجعها على الغناء في زمن كانت فيه الفتاة تُمنع من الظهور العلني. ذلك الدعم الأبوي شكّل نقطة تحوّل في حياتها، وجعل منها رمزًا للفن الوطني والمقاومة الثقافية.

أما في العالم العربي، فتبرز علاقة رغد صدام حسين بوالدها بوصفها مثالًا لعلاقة ابنة برجل قوي الحضور والتأثير. فقد ظلّت رغد تعبّر عن إعجابها الكبير بوالدها، وتراه مصدر فخرها العائلي ورمزًا للصمود والتحدي في وجه الأزمات. ومن خلال تلك العلاقة نشأ لديها إحساس قوي بالانتماء والاعتداد بالنفس، وهي سمة تكررت في مواقفها وتصريحاتها بعد استشهاده البطولي. هذا الإعجاب، رغم تعقيدات السياق السياسي، يعكس طبيعة الرابط الإنساني الذي يجعل الابنة ترى في أبيها دائمًا رمزًا للحماية والهيبة.

وفي الساحة الدولية، تقدم إيفانكا ترامب نموذجًا آخر لعلاقة الأب بابنته، إذ تحولت صلتها الوثيقة بوالدها إلى شراكة عملية في إدارة الأعمال والسياسة، بينما نجد في إفريقيا مثال نغوزي أوكونجو إيويلا، التي استمدت من والدها، الأكاديمي والسياسي، روح الانضباط والنزاهة والطموح، لتصبح أول امرأة وأول إفريقية تقود منظمة التجارة العالمية.

إن مقولة «كل فتاة بأبيها مُعجبة» ليست مجرد وصف شعوري، بل تعبير عن حقيقة اجتماعية تؤكد أن صورة الأب في حياة الفتاة هي الأساس في بناء توازنها النفسي والاجتماعي. فهو أول من يمنحها الثقة لتقف بثبات أمام الحياة، وأول من يعلمها أن الحنان لا يتناقض مع القوة، وأن الحب يمكن أن يكون مصدرًا للأمان والنضج معًا.

 

#ملف_المرأة_والمجتمع #كل_فتاة_بأبيها_معجبة #الأب_والابنة #علم_النفس_الأسري #حواء_الطقطاقة

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.