أبواق الحرب لا يصنعون السلام!

صحيفة الهدف

3 أعوام من الدم والدمار، ظلّ خلالها إعلاميو السلطة البائدة يباركون ال ح رب ويمنحونها غطاءً من الزيف والدجل الوطني، حتى غدت أقلامهم جزءًا من آلة القتل تبريرًا وتحريضًا وترويجًا لخطاب الكراهية. واليوم، بعد أن امتلأت البلاد بالمآسي، يطلّ هؤلاء ذاتهم في ندوة بلندن تحت عنوان “رؤية وطنية لتحقيق السلام العادل”! أي مفارقةٍ هذه؟ وكيف لمن أشعلوا النار أن يدعوا إلى إطفائها؟
لقد أثار الإعلان عن هذه الندوة استنكارًا واسعًا داخل الشتات السوداني، حتى إن الأطياف المعارضة في لندن تصدت لها ورفضتها رفضًا قاطعًا. الإعلاميون الذين ارتبطت أقلامهم بالحرب، طُلب منهم أن يُقدموا اليوم شروحاتٍ عن السلام، لكن الواقع يفضحهم:
كمال الضو، القيادي بحزب البعث العربي الاشتراكي في المملكة المتحدة، قال لـ«الهدف» إن لندن كانت وستظل قلعة المعارضة السودانية، وإنما المنابر التي تحتضن صوت الوطن لا يجب أن تُفتَضح على أيدي من انتحلوا أسماء الروابط والجاليات المهنية دون إذن.
أما عفاف محمد، الناشطة الحقوقية وأمين عام رابطة المساليت، فقد لفتت إلى أن آلاف السودانيين يعيشون الآن في مخيمات اللجوء في شرق تشاد، تحت وطأة الجوع والمرض، بينما من يدّعون الحديث باسمهم قد يحوّلون أصواتهم إلى أدوات دعائية لصالح من دعموا الحرب وقصفوا المدن.
وهشام أبو ريدة من الجبهة الوطنية أكّد أن منابر لندن التي شهدت أسماء مثل حسين الهندي وعلي محمود حسنين لن تُصبح منصة لتجار الحرب، مشيرًا إلى أن قائمة المتحدثين في تلك الندوة تضم خمسة ممن باعوا أقلامهم وضمائرهم بثمن بائس، اليوم يدّعون كذِبًا أن لهم حقًا في قيادة الحوار عن السلام.
في مواجهة هذا الحراك الشعبي والسياسي، أبلغت إدارة قاعة الأبرار رفضها لاستمرار الفعالية، وألغت الحجز بعد أن نفت تنسيقية الروابط والجاليات أي علاقة لها بها، وتأزّم الأمر بضغط الجالية ومعارضي الحرب في المهجر، فابتلعت الدعوة نفسها.
عادل الباز الذي وصف البسطاء بأنهم “جهلاء تُساق بهم المليشيا لتشييد مملكة العطاوة” يمكن أن يسأل اليوم كيف يُقام السلام مع مملكة وصفها بالإجرام؟
وأسامة عيدروس، الذي اعترف أن الجيش ذهب إلى المنامة “لكسب الوقت”، يُسأل الآن كيف يُؤتمن من أقرّ بأنه خداع؟
وضياء الدين بلال الذي أخبره البرهان بموعد الحرب قبل اندلاعها بأسابيع يدعى اليوم ليتحدث عن السلام فهل من علم بالدمار وسكت عنه يصلح أن يكون رسولا للسلام ؟
ومزمل أبو القاسم الذي سرب اتفاق المنامة وقطع الطريق أمام أي توقّف للحرب، هل يدرك أن مقاله هذا قد طوّل أيادِ المعاناة عامين إضافيين؟
كلهم يتحدثون اليوم عن السلام، لا انطلاقًا من إيمانٍ به، بل لأن رياح الحرب بدأت تجرف أسوارهم ومواقعهم.
سلامهم ليس سلام النازحين الذين يفترشون الأرض في المخيمات، ولا سلام الأيتام والمشردين بلا مأوى، إنما سلام يعيد إليهم مقاعدهم وميكروفوناتهم الصدئة.
الإعلام الذي حرّض على الحرب، وحرّم الكلمة الحرة، لا يمكن أن يكون شريكًا في بناء سلامٍ حقيقي.
السلام لا يُبنى في ندواتٍ باذخة، ولا يُختزل في بياناتٍ مزيفة، بل يُولد من مراجعةٍ صادقة واعترافٍ بالخطأ، ووقفةٍ شجاعة أمام الضمير.
لقد جرب السودانيون الأكاذيب والشعارات الزائفة وآن لهم أن يقولوا بوضوح
من كان بوقًا للحرب، لا يحق له أن يتحدث باسم السلام

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.