تاريخ العالم كما ترويه النساء

صحيفة الهدف

ترجمة: د. رشا صادق

ترى المؤلفة روزاليند مايلز أن التاريخ كما وصل إلينا ليس سوى رواية ناقصة، كُتبت بأقلام الرجال ولخدمة سرديات ذكورية، فطمست حضور النساء أو صوّرته حضورًا عرضيًا لا أثر له. من هذا المنطلق، ينطلق الكتاب في رحلة واسعة عبر العصور، محاولًا استعادة الأدوار الحقيقية التي لعبتها النساء في صياغة مسار الحضارة الإنسانية.

يكشف الكتاب أن المجتمعات الأولى لم تكن بالضرورة مجتمعاتٍ أبوية، بل إن المرأة كانت مركزية في دورة الحياة، من جمع الغذاء والزراعة الأولى إلى رعاية الأطفال وحفظ التوازن الاجتماعي. غير أن الانتقال إلى النظام الأبوي ترافق مع انحسار هذا الدور وتحويل المرأة إلى كيان هامشي تُقاس قيمته بقدرته على خدمة الرجل أو حفظ النسل. وهنا يرصد الكتاب كيف استخدمت الأساطير والأديان الأولى لتبرير إقصاء المرأة، حيث تحولت من رمزٍ للخصب والقداسة إلى أصلٍ للخطيئة أو مصدرٍ للفتنة، ما مهد الطريق لبنية اجتماعية تقوم على التبعية والحرمان من الحقوق.

ويمضي الكتاب إلى العصور الكلاسيكية والوسطى، حيث تتجلى آليات التهميش في مؤسسات الدولة والدين والفكر. إذ تُظهر المؤلفة كيف جرى تكريس صورة المرأة باعتبارها ناقصة العقل أو عاجزة عن المشاركة العامة، في حين كانت تسهم فعليًا في بناء الاقتصاد عبر العمل المنزلي والزراعي والحرفي. حتى عندما ظهرت نساء متميزات في ميادين الأدب أو السياسة، وُصفن بالشذوذ أو أُدرجن في الهوامش. ويبرز هنا التناقض التاريخي: فالنساء كنّ فاعلات في الحروب والثورات والاقتصاد، لكن المؤرخين تجاهلوا أثرهن أو صغّروا من شأنه.

وفي العصر الحديث، تتبع مايلز نهوض الحركات النسوية التي طالبت بالتعليم وحق التملك والاقتراع، مسلطة الضوء على التضحيات الكبرى التي قدمتها النساء في سبيل كسر القيود القانونية والاجتماعية. وتوضح أن انخراط النساء في الحروب العالمية وسوق العمل ساعد على إثبات كفاءتهن في ميادين كانت حكرًا على الرجال، مما عجّل في الحصول على حقوق سياسية أوسع. غير أن الكاتبة تحذر من الاكتفاء بهذا المكسب الشكلي، فالوصول إلى المناصب لم يلغِ جذور البنى الأبوية التي ما تزال تتحكم في توزيع الثروة والسلطة وصناعة القيم.

#تاريخ_النساء
#المرأة_في_التاريخ
#النسوية
#روزاليند_مايلز
#ملف_المرأة_والمجتمع
#صحيفة_الهدف
#حقوق_المرأة
#تمكين_النساء

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.