فل سط ين عربية… من البحر إلى النهر

صحيفة الهدف

عبد المنعم مختار

#الهدف_آراء حرة

الاعتراف البريطاني بالدولة الفل سط ينية ليس منحة كريمة ولا صحوة ضميرٍ متأخرة، بل هو فصل جديد من فصول النفاق الاستعماري الذي لم ينقطع يوماً. فبريطانيا التي منحت وعد بلفور، ومهّدت الطريق لاغتصاب الأرض، وسلّحت العصابات الص هي ونية، وسحقت ثورات الفل سط ينيين، لا يمكنها اليوم أن تتقمص دور العادل بعد أن كانت المهندس الأول للنكبة.

ما تسميه بريطانيا “اعترافاً” لا يتجاوز كونه محاولة لغسل العار التاريخي وتجميل وجهٍ تلطّخ بالدماء. فهي ما زالت حليفةً للاحتلال، شريكةً في تسليحه، ومتواطئةً في تغطية جرائمه في المحافل الدولية. إنّه اعتراف لفظيّ بلا مضمون، وهدية باردة لشعبٍ يُذبح منذ قرن، بينما يصفق الغرب لمسرحية “حل الدولتين” التي لم تولد يوماً إلا في خيال الساسة.

ومع ذلك، يبقى أي اعتراف جديد – ولو جاء من قلب التناقض – مكسباً سياسياً نسبياً يمكن أن يُوظَّف في المعركة الدبلوماسية الطويلة. فكل صوتٍ يقرّ بوجود الدولة الفل سط ينية، مهما كانت دوافعه، هو إقرارٌ ضمنيٌّ بعدالة القضية، وشهادة ضد الرواية الص هي ونية. لكنّ القيمة الحقيقية لا تُقاس بالتصريحات، بل بالفعل: بوقف تصدير الس لاح، وفرض العقوبات، ودعم حق العودة بلا مساومة.

المدهش أن هذا “التحول البريطاني” يأتي في لحظةٍ من أحلك اللحظات العربية: أنظمة تلهث وراء التطبيع، وأخرى تبرر صمتها بالخوف، فيما تترك فل سط ين وحيدة تواجه قدرها. وفي ظل هذا العجز، يتحول الاعتراف البريطاني إلى ستارٍ أخلاقيٍّ لستر جريمةٍ مستمرة منذ 1948، لا إلى بارقة أملٍ حقيقية.

إن فل سط ين لا تنتظر اعترافاً من قاتليها، بل تحتاج نهضةً عربية تُعيد تعريف معنى الحرية والمقاومة. لن تُستعاد الأرض بقرارات البرلمانات، بل بزخم الميدان وإرادة الشعوب. وكما قال القائد المؤسس ميشيل عفلق:

“فلس طين لا تحررها الحكومات العربية، بل يحررها الكفاح الشعبي المسلح، فالحق أن فل سط ين عربية من البحر إلى النهر، ولا ينكر ذلك إلا مكابر.”

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.