
د.أحمد الليثي
#ملف_الهدف_الثقافي
هي الخطيئةُ الكبرى التي تتكرّر بألف وجه، والدمعةُ التي تسيل من عين الوجود كلما خان الإنسان إنسانيته.
الحرب ليست صراعًا بين جيوشٍ فحسب، بل انكسارٌ للروح في مراياها؛ لحظةٌ يَخلع فيها البشر قلوبهم ويلبسون أقنعة الوحوش.
في الحرب، تنطفئ البيوت كما تنطفئ الشموع في ريحٍ عاتية، ويُمحى اسم الطفل من دفتر الغد، ويُستبدل الحلم برائحة الحديد والرماد.
تصير اللغة عرجاء، والذاكرة مقبرةً مفتوحةً، والزمن دائرةً من ليلٍ لا ينتهي.
اللعنة ليست في السيف وحده، بل في العيون التي اعتادت الدم حتى صار مألوفًا، وفي الصمت الذي يُبرّر، وفي الكراهية التي تنبت أسرع من الزرع.
كأن الأرض تُعيد عقاب آدم مرارًا، وتطرد أبناءه من جنّتها كلما نسوا أنهم إخوة.
ومع ذلك، يظلّ هناك من يرفع صوته كدعاءٍ في صحراء الخراب، من يزرع زهرةً في مقبرة، من يكتب قصيدةً ليقاوم النسيان.
هؤلاء هم الذين يذكّروننا أن اللعنة ليست أبدية، وأن الحرب، مهما طالت، ستظل عارًا على جبين التاريخ، لا قدرًا مكتوبًا في سماء الله.
ولعلّ الله، حين ينظر إلى قلوبٍ ما زالت تحبّ رغم الدم، يغفر للأرض خطاياها، ويعيد للإنسان وجهه الذي فقده بين الرماد.
Leave a Reply