خطة ترامب لغـ-زة – وهم السلام وحقيقة التصـ-فية في معركة الوجود العربي الفلسـ-طيني

صحيفة الهدف

أ. طارق عبد اللطيف أبو عكرمة

الخطة التي يطرحها ترامب لإنهاء الحـ-رب في غـ-زة ليست سوى نسخة جديدة من المشروع الاسـ-تعماري ـ الصـ-هيوني الذي يتخفى وراء شعارات براقة، بينما جوهره هو مصادرة إرادة الشعب العربي الفلـ-سطيني ونزع سـ-لاحه وإلحاقه بوصاية دولية تُدار من واشنطن وتل أبيب. فالحديث عن إدارة انتقالية تحت إشراف دولي برئاسة ترامب، وعن قوة استقرار دولية لتأمين غـ-زة، وعن تحويل القطاع إلى (منطقة اقتصادية جاذبة للاستثمار)، ليس إلا محاولة لتحويل القضية من معـ-ركة تحرر وطني وقومي إلى ملف إنساني وإداري يُدار كأن فلـ-سطين مجرد قطعة أرض تعاني أزمات لوجستية لا قضية وجود وهوية.

أن هذه الخطة امتداد طبيعي لمسار طويل ابتدأ بسايكس ـ بيكو، ووعد بلفور، واتفاقيات كامب ديفيد وأوسلو وأبراهام. كلها حلقات متصلة في مشروع واحد هدفه تجريد الأمة العربية من عناصر قوتها وتحويلها إلى كيانات خاضعة لهيمنة المركز الإمبريالي الصـ-هيوني. وما يجري اليوم ليس إلا محاولة جديدة لتجريد غـ-زة من مكانتها الرمزية بوصفها قلعة الصمود وشرارة المـ-قاومة، عبر تجفيف منابع القوة وتحويل المـ-قاومة إلى مجرد ملف أمني يخضع للرقابة.

لكن اللحظة التاريخية التي نعيشها اليوم تكشف أن هذا المشروع وُلد متأزمًا. فبدلًا من أن يكرس الهيمنة الصـ-هيونية المطلقة، جاءت المـ-قاومة في غـ-زة لتكشف هشاشة الكيان، ولتبعث برسالة إلى العالم أن مشروع الاستسلام لم يعد ممكنًا. العالم اليوم يشهد صحوة واسعة، حيث تتحرك الشعوب في شوارع العواصم الغربية والعربية، وترتفع أصوات الأكاديميين والطلبة والكتاب والفنانين ضد جـ-رائم الإبـ-ادة وضد منطق السيطرة الاستعمارية. هذه الصحوة ليست حدثًا عابرًا، بل هي دليل على أن الرواية الصـ-هيونية تفقد قدرتها على الإقناع، وأن الحقيقة الفلـ-سطينية تشق طريقها إلى الضمير الإنساني.

من هنا، فإن الرهان ليس على خطط الخارج، بل على تعميق هذا الوعي العالمي وتوظيفه في سياق المـ-قاومة الشاملة. فكما أن فلسـ-طين جوهر الصراع وميزان وجود الأمة العربية، فإنّ اللحظة الحالية تحمل فرصة تاريخية لربط النضال الفلسـ-طيني بالحركة العالمية المناهـ-ضة للاستعمار والعنصرية. العالم يستيقظ على حقيقة أن تحرير فلسـ-طين ليس قضية محلية، بل قضية إنسانية شاملة، وأن استمرار الاحـ-تلال يعني استمرار نظام دولي غير عادل يقوم على الإبـ-ادة والقـ-هر ونـ-هب الشعوب.

لهذا، فإن مواجهة (خطة ترامب)، ليست برفضها اللفظي فقط، بل بجعلها مناسبة لإعادة التأكيد أن فلسـ-طين ليست للبيع، وأن سلاح المـ-قاومة ليس قابلًا للمـ-ساومة، وأن مشروع الإعمار لا يمكن أن يكون بديلًا عن التحرير. أن تحرير فلسـ-طين هو الشرط الضروري لأي نهضة عربية حقيقية، وأن وحدة السلاح والإرادة والموقف هي الطريق الوحيد لإفشال كل مشاريع التصـ-فية.

فغـ-زة، بما قدّمته من بطولة أسطورية، لم تعد مجرد جغرافيا محاصرة، بل صارت مرآة لكرامة الأمة العربية ومختبرًا حقيقيًا لإرادتها. وأي خطة تحاول تفريغها من هذا المعنى لن تكون سوى وهم جديد يُضاف إلى قائمة أوهام الإمبريالية والصـ-هيونية. أما الحقيقة الثابتة، فهي أن فلسـ-طين ستظل القضية المركزية للأمة العربية، وميزان صدقها مع نفسها ومع العالم، وعنوان الصحوة العالمية الجديدة التي تتشكل اليوم لتضع حدًا لزمن السيطرة ولتفتح أفقًا جديدًا للتحرر والعدالة.

                                                                      ((يا قاعْ ترابِجْ كافورْ

على الساتِرْ هَلَّا على الشاجورْ))

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.