الملف الاقتصادي للهدف يواصل نشر مشروع رؤية وبرنامج حزب البعث العربي الاشتراكي لتوحيد قوى الثورة الحية في جبهة شعبية عريضة لإيقاف الحرب وتحقيق السلام والأعمار. محور: الجبهة الشعبية العريضة للديمقراطية والتغيير

صحيفة الهدف

مقدمة:
شكلت انتفاضة ديسمبر الثورية المجيدة علامة فارقة في نضالنا الوطني من حيث تميزها النوعي بالوعي والتنظيم وقدرتها على حشد أكبر وأوسع إرادة شعبية ملتزمة بنهج وتقاليد النضال السلمي الديمقراطي، تجلى في أكبر فعل ثوري تشهده بلادنا طوال تاريخها، وعلى نطاق العالم خلال العقود الماضية. وتسلحت بالإيمان بقوة الجماهير وإرادتها في صمودها وتصديها لكل صنوف التنكيل والقمع، والمحاولات المستميتة لاحتوائها وإجهاضها، في مواجهة قوى الردة والاستبداد وأمراء وتجار الحروب، وقوى التآمر المحلي والخارجي أعداء الشعب والوطن.
1/ إن حرب التدمير العبثية، التي يدفع شعبنا أثمانها الباهظة من حياته ودمائه وتشرده ومعاناته ومكاسبه وسلمه الأهلي، وتهريب وتخريب موارد البلاد وبنيتها التحتية، هي في حقيقة الأمر حرب بين أطراف تحالفت على إجهاض الانتفاضة الثورية وقطع الطريق أمام تحقيق أهدافها في التغيير وبناء سلطة التحول المدني الديمقراطي، لتعمل على فرض واقع سياسي بالتفرد بالسلطة، يكرس الاستبداد ويستهدف إشاعة خطاب الكراهية والتجييش بإثارة النعرات القبلية والمناطقية والعنصرية المقيتة، بهدف إضعاف البلاد وتمزيق النسيج الوطني لمكونات الشعب وزجها وتوريطها في حرب بينية أهلية تمهّد الطريق لتفتيت بلادنا إلى دويلات يسهل مضغها، بحسابات ضيقة موغلة في الذاتية.
2/ إن شعبنا قوي بتعبيراته السلمية، وقد اختزن من تجاربه وخبراته النضالية المتراكمة ما يؤهله لفرض إرادته لإيقاف هذه الحرب وهزيمة هذا المخطط، فالجماهير هي صاحبة المصلحة الحقيقية في المحافظة على أمن واستقرار ووحدة البلاد وسلامتها وتقدمها، فلا وصاية على الشعب ولا سلطة لغير الشعب.
3/ انطلاقًا من إيماننا بضرورة حشد أوسع إرادة شعبية للمحافظة على مصير ووحدة بلادنا أرضًا وشعبًا، واستشعارًا لمسؤوليتنا تجاه معاناة شعبنا، واستجابة للحاجة الموضوعية الملحة بأهمية تتويج الدعوات المتصاعدة من أجل وحدة أوسع القوى الحية الوطنية السياسية والاجتماعية والديموقراطية، كشرط أساسي لمواجهة أولوية هدف إنهاء الحرب وإيقاف توسعها جغرافيًا واجتماعيًا، ومعالجة تداعياتها من ناحية، واستعادة نهج الثورة وطريقها للديموقراطية التعددية والحكم المدني من الناحية الأخرى، في سياق ترابط عضوي، تنبثق (الجبهة الشعبية العريضة للديمقراطية والتغيير) كاستجابة لذلك من أجل:
أ. تنظيم قوى المجتمع الحية من القوى السياسية والاجتماعية الوطنية، والحركة الجماهيرية، النقابات العمالية والحرفية والمهنية، والأجسام النقابية، والمنظمات النسوية والطلابية، ولجان المقاومة وغرف الطوارئ، واتحادات وروابط المزارعين، والقوى المجتمعية الأهلية، وفصائل العمل المسلحة التي لم تشارك في الانقلاب ولم تدعم الحرب بالانحياز لأي من طرفيها، في إطار يوحّد وينسق نضالاتها في مختلف المواقع، ويمثل رافعة للارتقاء بجهودها وتلاحمها مع جماهير شعبنا لاستنهاض الحركة الجماهيرية الديمقراطية من أجل تحويل أهداف النضال الوطني في وقف الحرب وتحقيق السلام والعدالة والوحدة الوطنية والمحافظة على الاستقلال والسيادة الوطنية إلى حالة نضالية واجتماعية متجذرة داخل النسيج الشعبي، وتساهم في رسم مستقبل بلادنا بإرادة شعبية واسعة وموحدة.
ب. الاتفاق على خطاب إعلامي موحد وميثاق شرف بين كل القوى المشكلة للجبهة يعزز الثقة في وحدة الشعب السوداني وقيمه وإرادته وخبراته وقدرته على تجاوز الحرب وآثارها، وذلك باستمرار مضاعفة الجهود التعبوية بكافة الوسائل السلمية والضغط لوقف الحرب، وفضح طبيعة ودوافع مخططات طرفيها وانتهاكاتهما، وبعدها عن الشعب ومصالحه العليا، وعزل دعاتها من أي حواضن شعبية، وتعريتها وفضح وعزلة القائمين بأمرها من قوى الردة والفلول والأطراف الإقليمية والدولية المساندة والضالعة في تسعيرها وتصعيدها، وتأكيد أن مصلحة الشعب الحقيقية تكمن في وقف الحرب وتغليب إرادة السلام والديمقراطية والتعايش والتآخي كنقيض لخطاب ونهج دعاة الحرب.
ج. من أجل تجاوز سلبيات تجارب العمل الجبهوي السابقة، والتي ساهمت بصورة أو بأخرى في إجهاض الانتقال الديمقراطي وفي إطالة أمد الحرب، والتأكيد مجددًا على موضوعية التباينات واختلاف الاجتهادات وسط مختلف القوى المكونة للجبهة الشعبية العريضة للديمقراطية والتغيير، باحترام مبادئ العمل الديمقراطي الجبهوي المشترك والالتزام بأسسه وتقاليده، لكي لا تكون تلك التباينات أو الاجتهادات عقبة أمام وحدتها، على طريق إنجاز الأهداف المشتركة وإحكام التنسيق فيما بينها لاستعادة مشروع الانتفاضة الثورية وزخمها وعنفوانها على طريق تجديد النضال من أجل الحرية والسلام والعدالة والسلطة المدنية.
د. الاستجابة للتحديات التنظيمية والنضالية التي فرضتها الحرب، والتي أدت إلى مقتل ما يزيد عن 15 ألفًا، وتشريد 10.7 مليون مواطن من ديارهم ومن منازلهم، ودفعت بهم إلى مراكز الإيواء والمناطق الأكثر أمانًا في الداخل، أو مراكز اللجوء والهجرة خارج الوطن التي استقبلت منهم 1.7 مليون مواطن حسب أحدث الإحصاءات. إلى جانب الحاجة الماسة للاستجابة الإنسانية لمتطلباتهم، تطل كذلك الضرورة النضالية لتفعيلهم كطليعة للنضال من أجل وقف الحرب، بما يتطلبه ذلك من مهارات تنظيمية وإدارية.
هـ. أدت الحرب إلى شل نشاط القوى المدنية التي تنتهج السلمية أسلوبًا لعملها، وتحييدها خلال شهور الحرب الماضية، وآن الأوان لأن تعود هذه القوى لموقعها في النضال الوطني والديمقراطي، وأن يكون لها حضور موحد ومنظم وفاعل ومؤثر ودور ملموس وطليعي يمكنه ملء الفراغ الناجم عن تراجع النشاط السياسي السلمي داخل البلاد، بالمطالبة بتحقيق وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار وصولًا لإنهاء الحرب، ومعالجة تداعياتها وآثارها، بوقف العدائيات لضمان سلامة المدنيين وتوفير الممرات الآمنة لعودة المواطنين إلى منازلهم وتسهيل انسياب الخدمات الأساسية، وفي المشاركة الفعالة لإنفاذ رؤيتها السياسية لتأسيس وترتيب الأوضاع السياسية والعامة في البلاد في مرحلة ما بعد الحرب، وتعزيز دور الجبهة الشعبية في مواجهة مخططات قوى الردة والتفتيت والاستبداد والفساد، وهزيمة مشروعها التفتيتي والمحافظة على وحدة شعبنا وأمنه واستقراره واستقلال وسيادة السودان.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.