
إرادة الشعب أقوى من سلطة نظام الحركة الإسلامية
بقلم: أنس حامد
رشح إلى بعض الأجهزة الإعلامية، عن مبادرة يترأسها عبد الله مسار ومعه 294 عضواً، من برلمان الإجماع السكوتي، ينتمون إلى 33 حزباً متوالياً، من أحزاب الفكة والكمبارس، التي استأجرها النظام كغطاء يهش بها على قوانينه التي وضعها ويريد التنصل منها.
فقدم هؤلاء النواب مذكرة إلى رئيس البرلمان يوم الثلاثاء الماضي، يطالبون فيها بتعديل المادة (57) من دستور 2005، والتي تحدد عدد الدورات التي تسمح بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية، وهى بدورتين فقط، ويطالبون بتعديلها حتى يتمكن رأس النظام من حكم البلاد مدى الحياة، لأنه وفق تعبيرهم بأنه أي “رأس النظام” يمثل المخلص الوحيد من الفتن التي تمر بها البلاد، وقد أكد لهم رئيس البرلمان بأنهم اختاروا الطريق الصحيح من خلال تقديمهم هذه المذكرة للبرلمان لتغيير المادة (57) من الدستور وحرصهم على تعديل هذه المادة يوكد على المؤسسية والعمل.
إن الذي قام به هؤلاء النواب، الذين يدعون إنهم يمثلون إرادة الشعب، ويفصحون عن مشاكل وهموم الجماهير اليومية، لم يسعفهم النظر قليلاً، وهم في طريقهم إلى مكتب رئيس البرلمان أن ينظروا برهة من الوقت إلى تلك الصفوف الممتدة من السيارات في محطات الوقود، أو في المخابز في انتظار الوقود والخبز، فإذا عميت بصيرتهم عن رؤية المناظر التي يندي لها الجبين من معاناة يغرق فيها هذا الشعب الكريم في كل يوم، فمن المؤكد أن بعضاً منهم وقف لساعات في المصارف أو الصرافات في انتظار أن يتحصل أحدهم على بضع جنيهات حتى يستطيع أن يوفر بها متطلبات حياته اليومية.
ألم يسمع رئيس البرلمان، أو يشاهد تلك المناظر التي لا تسر الناظرين في محطات النقل العام من ازدحام للمواطنين في انتظار سيارات النقل العام، التي توقفت بسبب عدم توفر الوقود.
بالله عليكم هل سمعتم من قبل عن تدليس وتزلف وغش ونفاق، مثل الذي يحدث من قبل هؤلاء الجوقة من المرابين، وحارقي البخور من سدنة هذا النظام الفاسد والمفسد، كل هذا النفاق من أجل الحفاظ على المناصب التي لا يستطعون العيش بدونها، وفي اعتقادهم إنهم كلما أكثروا من التقرب إلى رأس النظام سيستطيعون البقاء في هذه المناصب إلى أطول فترة ممكنة.
إن هذه المذكرة التي حملها هؤلاء النواب، تفصح عن جشع وطمع منتسبي النظام وعن ممارسات وأفعال تدل وبشكل قاطع بأن النظام أصبح يعيش في آخر أيامه، وبالكاد نشاهده الآن يلفظ أنفاسه الأخيرة.
ولأن الفرعون عندما أوغل في الطغيان، وظن إنه لن يفنى، وظن إنه مخلد في هذه الدنيا، أهلكه الله في اليم، هو ومن اتبعه من شيعته المرابين والمنافقين.
إن للطغيان والظلم ظفر ساعة، ولكن أيامه معدودة، ونهايته قريبة، مهما افترى وتجبر الطغاة على الخلق، هكذا أكدت تجارب التأريخ في كل المراحل التي يفتري فيها الحكام على الشعوب.
إن التوجه الذي عبر عنه هؤلاء النواب الذين يعيشون في غربة وانعزال تام عن الشعب، يؤكد إنهم يفصحون وبجلاء عن حقيقة النوايا الحقيقية لهذا النظام الدكتاتوري الذي يتدثر بشعار الإسلام، والإسلام منه براء، فقد أصبحت تتكشف هذه النوايا في كل يوم أمام الشعب، ويتعرى عن كل رداء ظل يتوشح به طوال ثلاثين عام.
وإن هذا التوجه يزيد من حالة التفسخ والشيخوخة المستبدة التي يعيشها نظام الحركة الإسلامية، ويؤكد صدق التحليلات التي برهنت عليها الممارسة الفعلية لمنتسبي النظام، والنفعيين من أصحاب المصالح المرتبطه به والمستفيدة من استمرار بقاءه في الحكم، حيث أشارت هذه التحليلات إلى تقاطع المصالح داخل أركان النظام، وأصبحت هنالك (لوبيات) تدار وفق مصالحها المشتركة، لتخلق حالة اصطفاف داخلي، ويترصد كل فريق منهما الآخر، ويحاول القضاء عليه متى ماسنحت له الفرصة، والشاهد على ذلك ما سمي بحملة مكافحة الفساد، التي أفرزت ما سمي (القطط السمان)، حيث اشتد صراع طواحين الهواء، التي لم تقود إلا لمزيد من الإفساد الممنهج والمحمي من قبل أقطاب داخل النظام، يمثلون أعلى الوظائف في الدولة أو حزب السلطة.
وفي إطار هذا الصراع أصبح التقرب من رأس النظام يمثل (فيتو) ضد أي قرار يتقاطع مع المصالح الشخصية للعناصر الفاسدة المتحكمة في إدارة الحكم ومركز صنع القرار.
إن الدولة الحديثه في عصرنا الحالي، هى دولة مؤسسات، وقوانين تواضع عليها الشعب، وواجب السلطة التشريعة والتنفيذية هو القيام بتنظيم ورعاية مصالح الشعب من خلال التعبير عن تطلعات الجماهير، وفق القوانين والتشريعات التي تحقق الانسيابية في طبيعة العلاقة بين السلطة والشعب، بحيث لا يحدث تقاطع بين طموحات الجماهير، وواجبات ومهام السلطة، بمعني أن تكون السلطة هى عبارة عن حامي لسيادة واستقلال ووحدة البلاد، ومحافظة على أمن وسلامة المواطن، وفق التشريعات التي تحدد العلاقة بين السلطة والشعب.
وعندما تختل هذه المعايير، وتصبح السلطة مهيمنة على كل موارد الشعب، وتقف ضد إرادته، وتفرط في وحدة وسيادة واستقلال البلاد وتهدد أمن وسلامة المواطن، عندها ينتشر الفساد المحمي من قبل السلطة، وتصبح السلطة فوق الدستور الذي من المفترض أن يمثل أعلى سلطة في البلاد.
وهذا ما يحدث الآن من في ظل وجود نظام الحركة الإسلامية في السلطة منذ مجيئة في يونيو 1989، فقد عطل النظام الدستور، ومنع الشعب من ممارسة نشاطه المدني من خلال التنظيم في مؤسسات المجتمع المدني، كذلك صادر الحريات، ونهب موارد البلاد، وأشعل الحروب، وقسم البلاد إلى شطرين، وجعل البلاد تعيش الفاقة والعجز والإفلاس التام، وخلق أزمة اقتصادية لم يمر بها السودان طوال تأريخه، وباع أراضي البلاد للأجنبي.
بالتالي فقد هذا النظام أي مبرر لاستمراره، وبقاءه في حكم البلاد، فإن الشعب الذي تعود على أن يعيش بكرامة وحرية، سيفتح الطريق الذي يقوده إلى المستقبل، ويحقق له العيش الكريم، وتحكمه سلطة تراعي حقوقه الدستورية وتصون وحدته وتحقق تطلعاته.
هكذا أكدت تجربة التأريخ الإنساني، طوال حقب التأريخ وفي مختلف الساحات، وفي كل انحاء المعمورة.
فإذا كان الظلم ليلته طويلة، فإن الحق آت، وأبقى ودائم وسيخلد الحق إلى أبد الدهر، ولن يبقى من ظلمات وعسس دكتاتورية الحركة الإسلامية إلا صدى من ذكريات بعيدة.
Leave a Reply