كبار الأساتذة بين الإستغناء و الإستبقاء (2-2)

شئ من حتى
د. صديق تاور كافى

كبار الأساتذة بين الإستغناء و الإستبقاء (2-2)

التقاطعات التى أفرزها قرار رئاسة الجمهورية على صعيد مؤسسات التعليم العالى، هزم معادلة أن نوقر كبيرنا و نرحم صغيرنا.. فالأول من خلال ممارسات سادت لفترة طويلة فى غالب هذه المؤسسات لم يكن رحيما بما يكفى بالأجيال الجديدة، بحيث تتمكن هذه الأجيال من خلال التطور الطبيعى من الإطلاع بأدوارها التى تناسبها بمعاونة و رعاية الكبار.. هذه ليست حالة عامة بالطبع ولكنها كانت ممارسة موجودة. ومن الطبيعى أن تخلق هذه الحالة فى نفوس الأجيال الجديدة إحساسا بعدم الرضا..
ولكن المشكلة تأتى من أن حالة الإستحواذ و السيطرة الطويلة هذه، قد حرمت الأخيرين من التأهل الطبيعى المتدرج حتى يكونوا قادرين على آداء أدوارهم بالكفاءة المطلوبة.. ساعد على ذلك غياب المؤسسية فى تطبيق اللوائح و تفشى المحاباة التمكينية، وظهور ممارسات كريهة لا تشبه الأوساط الجامعية مثل المحسوبية و الجهوية و القبلية و النزعة المزاجية و الإعجاب الشخصى و المؤامرات و ما إلى ذلك. وقد جعلت المادة 16-أ، من مدراء التمكين و أعوانهم أنصاف آلهة.. فظهرت شريحة من الإنتهازيين الشباب لا علاقة لهم بأعراف المؤسسات الأكاديمية و قيمها. عيونهم مفتوحة على المناصب و إمتيازاتها بعجلة تنسيهم المسؤوليات و متطلباتها..
بهذه الصورة يكون الحد الغائب فى معادلة الإستغناء و الإستبقاء هو عنصر الرضا المتبادل بين مكونات مجتمع مؤسسات التعليم العالى. فالشباب يعتبرون الكبار عائق أمام طموحاتهم و تطلعاتهم، بينما الأخيرين يعتبرون هؤلاء جاحدون لا يعرفون قيم الوفاء.. فى الحالين تؤشر هذه المعادلة خللا جوهريا كبيرا فى بنية هذه المؤسسات، و سوف تكون له إنعكاساته المربكة أيضا فى المستقبل المنظور..

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.