هل انتقل “بلف البلد ” إلى مناوي وجبريل؟

بقلم عبدالله رزق أبوسيمازه

فاجأ الأستاذ محمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة الانتقالي الشرعي، القيادي بتحالف صمود، الوسط السياسي بتصريح ملتبس، يستفاد منه أنه  وجد في قبول الجنرال عبدالفتاح البرهان بشروط حركات الكفاح المسلح، مناوي وجبريل، تحديدًا ، للمشاركة في حكومة كامل إدريس، سياسة  أو مرونة استحق عليها الإشادة، وعاد، مخافة سوء الفهم، لتأويله، بحديث آخر لجريدة “مداميك” ، أوضح فيه إنه امتدح النهج، السياسة، حسب، لا مبتدرها . لكن ود الفكي، من موقعه الراكز في السلمية، والكفاح المدني، لم يدر البصر كرة أخرى، ليرى، من الجانب الآخر، ألق مجد بنادق المشتركة، شامخًا منتصرًا. ثمة تهديد، من ناحية، قابله رضوخ للتهديد، من الناحية الأخرى، على الأقل، أو ابتزاز واستجابة للابتزاز ، تلك هي المسألة، على قول هاملت. فالبرهان، ومعسكره، لا يديرون خلافاتهم ، بآليات “صمود” ، أو ما شابهها من قوى مدنية ، وإنما بفوهات البنادق . وليس في الأمر مرونة  أو سياسة، ولا من يحزنون . ففي لعبة الكراسي الموسيقية، التي غيرت قواعدها البنادق ، منذ 25 أكتوبر عام 2021 ، مرورًا  ب 15 أبريل 2023 ، وإلى الآن ، ليس ثمة مكان للسياسة، إنما  هي ” الذخيرة توري وشها  ” ، بأبدع ما يكون ،  لاغير . فمن الواضح ، بدلالة تشكيل الحكومة ، أن  ” بلف البلد ” قد انتقل من يد إلى أخرى، وفق مقتضى  قواعد مجد البنادق ، وهذا ما أنتج ،بدوره ،  النقلة غير المتوقعة، التي أدهشت ود الفكي . ليس سرًا أن قوى الكفاح المسلح، هددت، بشكل علني، بالانسحاب مما اصطلح عليه ب ” معركة الكرامة والوطنية ” ، ومغادرة خندق القتال إلى جانب الجيش ، إلى خندق الحياد ، بين الجيش والدعم السريع ، إذا لم يحصلوا على المقابل المادي لمشاركتهم في الحرب ، وظائف دستورية وامتيازات .. الخ . وهو موقف  ظلت لوقت غير قصير تراوح حوله ،  بالفاشر . وربما أشهرت سلاحًا آخر ، غير العودة للحياد، خلال المساومات في كواليس صناعة  التشكيل الوزاري .  أن إصرار مني أركو مناوي ، رئيس حركة تحرير السودان ، على مرشحه لوزارة المعادن ، رغم تعثره في الفحص الأمني ، الأمر الذي أخر إعلان التشكيل الوزاري ، لبعض الوقت ، بجانب تمسك ، د.جبريل إبراهيم ، زعيم حركة العدل والمساواة ، شخصيًا ، بمنصب وزير المالية، كشف حقيقة ما تمت الإشارة إليه ، عاليه ، بانتقال “بلف البلد” ، جزئيًا أو كليًا ، إلى يد قوى الكفاح المسلح ، وفي مقدمتها حركتي جبريل ومناوي، مما جرد كامل إدريس من صلاحياته المدعاة ، كرئيس للوزراء . إذ أن الفيتو ، الذي رفعته ، إزاء عزم  البرهان تشكيل حكومة، يتوفر رئيسها التكنوقراطي ، على كامل الصلاحيات ، يمكن نثره أو  ترجمته بكلمات محمد حمدان دقلو ، حميدتي ، التي  تفوه بها في وقت سابق ، في موقف مماثل ، وضع قوته ، فيما يبدو ، موضع الاختبار ، لقدرة تلك الكلمات على إضاءة الراهن ، خاصة ، فيما يتعلق بحال ” البلف “  . قال حميدتي ، ما معناه ، أن  :” البلف بتاع البلد دي عندنا . نقول يعتقلو الصادق، يعتقلو الصادق. نقول يفكوه، يفكوه . ما في زول برفع صوته علينا . الحكومة ما عندها  جيش . لما تعمل ليها جيش تجي تتكلم معانا .  أي مجمجة ، ديك النقعة، والذخيرة توري وشها…”. يبدو جليًا  أن جبريل ومناوي ، اتساقًا مع عقيدة  ” المجد_للبنادق” ،  قررا ، بشكل أو آخر ، الاحتكام للذخيرة ، في مواجهة المجمجة المصاحبة لميلاد  “حكومة الأمل ” ، في أول ممارسة من نوعها ، تكشف عن تغير جوهري ، في توازن القوى داخل معسكر بورتسودان ، سيكون له مابعده . حتى ذلك الحين ، يظل السؤال، الذي يطرح نفسه ، هو : ما مغزى  مرونة البرهان  – أو حتى تصلب جبريل  ومناوي    لمساعي إنهاء الحرب ، كأولوية مطلقة ، تتخطى أهميتها التشكيل الوزاري نفسه ؟

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.