
بقلم: شيماء تاج السر
#ملف_المرأة_والمجتمع
مع اندلاع الحرب بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في 15 أبريل، نظمت المجموعات النسائية السودانية نفسها بأشكال متعددة للاستجابة الفورية لوقف الحرب، وللمشاركة في حملات المناصرة والدفاع عن حقوق الإنسان بكافة أشكالها.
برز دور النساء المدافعات عن حقوق الإنسان بشكل جلي وملحوظ، سواء عبر المبادرات النسائية أو كأفراد في الداخل السوداني، في كافة الولايات والأحياء ودور الإيواء ومعسكرات النازحين. كما قُمنَ بالدور ذاته في الخارج مع اللاجئين، سواء في المخيمات أو خارجها، عبر المبادرات الإنسانية.
يتأصل هذا الدور في المرأة السودانية من خلال ما يميزها من حنان ورقة إلى جانب القوة والصمود، مما يجعلها مدافعة فريدة عن حقوق الإنسان. فهي تجمع بين المشاعر والصلابة، ما يمكنها من أداء دورها بكل فخر ورضا دون تراجع عن تقديم الدعم الإنساني لمن يحتاجه، حتى دون طلب ذلك، بل من تلقاء نفسها وشعورها بالمسؤولية تجاه المجتمعات.
لكن المؤسف هو الاستهداف الواضح للمدافعات من قبل طرفي النزاع منذ نشوب هذه الحرب اللعينة. تجلى هذا الاستهداف في قتل العديد من المدافعات وتعرضهن للعنف الجسدي والجنسي، والتهجير القسري، وأنواع عديدة من الانتهاكات التي قصد بها عرقلة دعمهن للمحتاجين في شتى المجالات. وهنا تبرز التحديات التي تواجههن كمدافعات عن حقوق الإنسان:
العنف القائم على النوع الاجتماعي: مثل التحرش، والاعتداءات، والتهديدات بالقتل أو الاغتصاب.
الوصم والتشهير: حيث توصم النساء المدافعات بأنهن يخرجن عن “التقاليد” أو “القيم”.
القيود القانونية: مثل قوانين الجمعيات والتظاهر التي تُستخدم لقمع النشاط النسوي.
نقص الحماية الرسمية: فالدول لا توفر أحيانًا حماية فعالة للمدافعات، أو تكون هي نفسها مصدر الانتهاك.
أهمية حماية المدافعات عن حقوق الإنسان في القانون الدولي
في الختام، تجدر الإشارة إلى الأهمية القصوى لحماية المدافعات عن حقوق الإنسان، وضرورة لفت انتباه العالم والمجتمع الدولي لهذا الأمر وفقًا للاتفاقيات الدولية والعرف الدولي. تعد حماية المدافعات عن حقوق الإنسان جزءًا لا يتجزأ من النظام الدولي لحقوق الإنسان، وقد حظيت باهتمام متزايد من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية والدولية. وفيما يلي نظرة عامة على كيفية حماية المدافعات عن حقوق الإنسان حسب الاتفاقيات الدولية والعرف الدولي:
أولًا: الاتفاقيات الدولية التي تحمي المدافعات عن حقوق الإنسان
على الرغم من أن معظم الاتفاقيات لا تميز صراحة بين المدافعين والمدافعات، إلا أن هناك اتفاقيات وقرارات تضمن حماية خاصة للنساء وناشطات حقوق الإنسان:
الإعلان المتعلق بحق ومسؤولية الأفراد والجماعات وهيئات المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان (1998): يُعرف باسم “إعلان المدافعين عن حقوق الإنسان”. لا يفرق بين الجنسين، لكن تم التوسع لاحقًا ليشمل حماية خاصة للنساء المدافعات. يؤكد حق الأفراد في نشر المعلومات المتعلقة بحقوق الإنسان، وتكوين منظمات، والتظاهر السلمي، وطلب الحماية من الدولة.
اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) – 1979: تُعد حجر الأساس لحماية حقوق النساء، بما في ذلك المدافعات عن الحقوق. تُلزم الدول باتخاذ تدابير لمكافحة التمييز والعنف ضد النساء، وتعزز من مشاركة النساء في الحياة العامة والعمل السياسي والحقوقي.
العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966): يكفل الحقوق الأساسية للمدافعات، مثل حرية الرأي والتعبير، وحرية التجمع السلمي، وحرية تكوين الجمعيات.
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948): رغم أنه غير ملزم قانونيًا، إلا أنه يُعتبر مصدرًا مهمًا في القانون الدولي العرفي. يؤكد على المساواة والكرامة وحرية التعبير والتجمع.
قرارات مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة: مثل قرار الجمعية العامة 68/181 (2013) بشأن حماية النساء المدافعات عن حقوق الإنسان. يعترف بالتهديدات الخاصة التي تتعرض لها النساء المدافعات ويطالب بحمايتهن.
ثانيًا: الحماية وفق القانون الدولي العرفي
الاعتراف بالدور الخاص للمدافعات عن حقوق الإنسان: يُعترف في القانون الدولي العرفي، وخاصة من خلال الممارسة الدولية وتصريحات الدول والمنظمات الدولية، بحق الأفراد (رجالًا ونساءً) في الدفاع عن حقوق الإنسان.
مبادئ عدم التمييز والمساواة: هذه المبادئ متجذرة في القانون الدولي العرفي، وتُلزم الدول بحماية المدافعات من العنف القائم على النوع الاجتماعي أو التمييز بسبب نشاطهن الحقوقي.
مبدأ مسؤولية الدولة في حماية الأفراد من الانتهاكات: الدولة مُلزمة ليس فقط بعدم انتهاك الحقوق، بل بحمايتها من الانتهاكات التي قد تقوم بها أطراف غير حكومية (مثل الجماعات المسلحة أو المجتمع المحلي).
توصيات لتعزيز حماية المدافعات عن حقوق الإنسان
بناءً على ما تقدم، نضع بعض التوصيات لتعزيز حماية المدافعات عن حقوق الإنسان:
إصدار قوانين وطنية تعترف بدور المدافعات وتُوفر آليات حماية خاصة.
تدريب الأجهزة الأمنية والقضائية على التعامل مع التهديدات التي تواجه النساء المدافعات.
دعم منظمات المجتمع المدني التي تعمل على تمكين النساء وحمايتهن.
ضمان المساءلة عن الانتهاكات ضد المدافعات، سواء من قبل الدولة أو من جهات غير حكومية.
Leave a Reply