*الرؤية المنهجية للمشروع البعثى للثقافة والفنون والاداب*

اعداد/البخيت النعيم

*لمحة تاريخية* :-

من الناحية التاريخية بدأت  الإنسانية  ، في ممارسة الفنون والاداب ،منذ آلاف السنين ،حيث كان الرسم يتكون من أشكال الحيوانات وعلامات تجريدية رمزية فوق جدران الكهوف . وتعتبر هذه الأعمال علي مر العصور. ، كان البشر يتحلون بالزينة والمجوهرات والأصباغ. وفي معظم المجتمعات القديمة الكبري، كانت تعرف هوية الفرد من خلال الأشكال الفنية التعبيرية التي تدل عليه ،كما في نماذج ملابسه وطرزها وزخرفة الجسم وتزينه وعادات الرقص والنحت والشعر. والقصة والرواية  او فى  الاحتفالية او (الرمزية الجماعية). وفي بعض  المجتمعات ، كانت الفنون والآداب  تعبر عن حياتها او ثقافتها كما هو عند الأمة العربية وغيرها من الامم .فكانت الاحتفالات والرقص والفن التشكيلي والشعر يعبر عن سير اجدادهم واساطير هم حول الخلق او مواعظ ودروس تثقيفية وكثير من الشعوب كانت تتخذ من الفنون والاداب وسيلة لنيل العون من العالم الروحاني في حياتهم وفي المجتعمات الكبري ،كان الحكام  يقومون بتكليف الفنانين للقيام باعمال تخدم بناءهم السياسي.

وقبل ان ندلف الي توضيح رؤية  حزب البعث العربي الاشتراكي في الثقافة و الفنون والآداب  لابد من الإشارة الي بعض التدخلات في مصطلحات شبيهة او رديفة تستخدم بالتبادل في كثير من الأحيان الا وهي الفن والجمال والابداع .

فيمكن القول ان الفن هو العملية المتعلقة بالجانب المهني في الموضوع، لذلك يقال لصاحب هذه العملية بأنه فنان،اما الجمال فهو صفة لهذه العملية بأنها جميلة تسر الناظرين(بالرغم من النسبية في معايير الجمال ،التي تخضع للفروق الفردية بالاضافة الي ان لكل شكل من أشكال الفنون والاداب لغته الخاصة للاحكام الجمالية) اما الإبداع فهو الجانب المتعلق بوجود التفرد .

*تعريف  الثقافة والفنون والاداب*

علي الرغم من اختلاف وتنوع آراء  النقاد والفلاسفة في تعريف الثقافة و الفنون والاداب التي لا حصر لها والنظريات الكلاسيكية والمعاصرة، وهناك من يري بأن الفنون امر غير قابل للتعريف بل هو قابل فقط للشعور به أو أن الفن لايشمل انعكاس الواقع علي عقل الفنان ومشاعره بقدر ما يمثل انعكاس خيال الفنان وبصيرته علي الواقع .علي الرغم من كل ذلك يمكن تعريف الفنون والآداب  بكونها( ظاهرة اجتماعية باعتبارها جزء من النشاط العقلي للانسان الفنان والمبدع ) يتحدد نتيجة المناخ الاجتماعي والثقافى  الذي يعيش فيه والذي تتعدد جوانبه السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية والثقافية،  لينتج فكرة جديدة في عقله او إعادة إنتاج فكرة قديمة او خيال ما ومحاولة التعبير عن هذه الفكرة او الخيال بشكل جميل يجذب مشاعر القارئ او المستمع او المشاهد او المتذوق ويستند في ذلك الي عاملين الأول مستوي تطور هذا الإنسان وامكانيته ومواهبه والثاني هو المادة المستخدمة في تصوير فكرته او مشاعره سواء كانت تلك المادة هي جسم الإنسان نفسه كما في الرقص او الرموز اللغوية أو الفن التشكيلى ا وكلمات كما في الشعر والقصة والرواية  والتاليف او الأصوات كما في الموسيقي والغناء والتلحين والايقاعات او حتي مواد من الطبيعة لاعادة تشكيلها وتلوينها كما في الفنون التشكيلية المختلفة كالرسم والنحت والزخرفة والعمارة والتصميم الداخلي والتصوير والتمثيل والاعمال اليدوية وغيرها من الأعمال المرئية . وبصورة مختصرة ان الفكرة من كل عمل فني توصيل ما في خيال الفنان سواء فكرة في عقله الباطن او واقع تم تشكيله وتصويره باي نوع او شكل من أشكال الفنون للشخص (الجمهور) الذي يرى ذلك العمل الفني.

*رؤية المشروع البعثى للفنون والاداب*

في البدء رؤية البعث للفن والادب ضرورة تاريخية فى فكر البعث ، وتحمل محمول  الوعي الثقافي والحضاري اللازمين لتفهم عالم الإبداع الفني والثقافي وما يتطلبه من قدر كبير من الحرية الفكرية والثقافية  والسياسية والاهتمام من الدولة والقوى الفكرية والسياسية ومنظمات المجتمع المدنى،  لتؤدي الفنون والآداب  رسالتها تجاه المجتمع،  وعلي هذا الأساس نجد نصا في دستور حزب البعث يشير صراحة الي الفن فقد جاء في المبدأ الثاني من دستور الحزب ان (حزب البعث العربي الاشتراكي يعتبر : حرية العمل  والاجتماع والاعتقاد والفن مقدسة لا يمكن لأي سلطة ان تنتقصها ).

وتأكد هذا المبدأ في ما جاء في التقرير السياسي للمؤتمر القومي للحزب المنعقد في العام ١٩٩٢م، وتحت الفقرة الخامسة جاء ما يلي: (كانت حرية الفكر التي كرسها دستور الحزب ،المنبع الرئيسي للتقدم والتجديد والابداع ).

يرى البعث ان الفنون والآداب ينبغي أن تكون هادفا ينشد ترقية الذوق ويحترم ويصون القيم الدينية والاخلاقية والإنسانية والفكرية ، ويلائم الواقع ويخدم اغراضه ويلبي حاجاته المتعلقة بالتطور الاجتماعي، اي ان يكون له علاقة بالمجتمع والمحيط الإنساني من خلال النظرة النقدية التي تتفاعل مع فنون العالم، دون أن تكون تابعه لها .بعبارة اخري ينبغي أن يكون الفن رسالة حضارية وثقافية  للأمة والإنسانية. فالفنون والآداب احد مقاييس حضارة الشعوب.

وطالما أشرنا الي عنصر اساسي من عناصر العمل الفني وهو الجمال فلا بد أن نشير إلى أنه لا يتحقق هذا الجمال الا بتكامل مكونات العمل الفني وجمالها.  فالفن يكون جميل اذا كانت جميع مكوناته جميلة اي ترتاح لها النفس و الذوق . فعلي سبيل المثال تصور لوحة الفنان ليوناردو دافنشى الموناليزا وهي داخل إطار خشبي عادي الصنع .فهذا الإطار سينقص من قيمة اللوحة الفنية او الجمالية .وقس علي ذلك.

كما بري فكر  البعث ان الفن يساهم في قضايا الوطن باسلوبه خير مساهمة ويناضل بادواته خير نضال وعلي سبيل المثال فقد عبر الفنان ناجي العلي فنان الكاركتير الفلسطيني الشهير برسوماته الكاركتارية عن قضية فلسطين بشكل ازعج الكيان الصهيوني بكل جبروته حتي تامر عليه واغتاله شهيدا من شهداء النضال الفلسطيني وايضا ما قدمته الفنانة ليلى العطار من رسالةللفن . فكذلك للادب والشعر كضرب من ضروب الفن دورها التحريضي لحس الشعوب علي المقاومة بين الأديب احمد جميل الحسن ان للادب الدور الأكبر في التوعيه الاجتماعية، وتنمية الذائقة،

هكذا قدم شعراء كبار الأمة منهم الشاعر محمد مفتاح الفيتوري وعبدالرزاق عبدالواحد ومحمود درويش وغيرهم.

فالاداب لا تقدم الحلول لكنها تشير  لمكان  الخطأ او الفساد، او الظلم، ويبدأ دور المتلقي حينما ينتهي دور الأديب،  ففي هذا السياق قال الشهيد القائد صدام حسين رحمه الله مقولته المشهورة في الفن 🙁 الفنان كالسياسي….. كلاهما يصنع الحياة بصيغ متجددة ). وفي هذه المقولة تتاسس رؤية البعث للفن الهادف الذي أشرنا اليه  . فكل أشكال الفنون والآداب  نجد لها دورها النضالي في قضايا الشعوب تحلل وتمد جسور التواصل وتعزز الصمود والبقاء وتكشف التضليل وتعبئ وتثير حماسة الجماهير وتظهر الحق.

و أيضا ان للفنون والآداب  اسلوب تعبيري جميل لحفظ التراث والتاريخ بصورة رمزية ،تعبر عن المراحل الحضارية للانسان العربي و المسلم. كما تتسق رؤية البعث للفن في معناه العام بكونه تعبير عن الجمال والابداع وكما يقولون فإن الله جميل يجب الجمال وفي  الجمال والتجمل نزعة غريزية في الإنسان، فكيف نناقضها او نسير في اتجاه يعاكسها. فكل قبيح مزموم وكل جميل محمود ، فاى  منتج ينتجه الإنسان في هذه الحياة الا وكان العنصر الجمالي عنصر اساسي فيه يعمل له ألف حساب يجد طريقه للتسويق اذا كان منتجا للبيع ، او القبول من الآخرين اذا كان غير ذلك .

وعلي الصعيد العملي شهدت تجربة  حكم البعث في العراق منذ ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨م وحتي دخول الإمبريالية والفارسية والصهيونية العراق في عام ٢٠٠٣م. ظل العراق مركزا ثقافيا دوليا واقليميا هاما تطورت وازدهرت  الحياة  الفنية والثقافية ازدادت زخما مع مرور الزمن ، وتمثلت بحركة فنية دؤوبة نشطة  أبدع خلالها الفنانون التشكيليون في إنتاج العديد من النصب والتماثيل التي تناولت مراحل وحقب تاريخية متعددة من تاريخ العراق القديم والمعاصر ،فعلي صعيد الادب والشعر كأحد انواع الفن نشير الي الدورات المتعددة لمهرجان المربد الشعري العالمى  ، وعلي صعيد الفن التشكيلي أصبح مركز صدام للفنون محلا للفنانيين والنقاد والمؤتمرات العالمية في شتى ضروب الفن التشكيلي للرسم وخط وزخرفة وتصوير وعلي صعيد الموسيقي والغناء  برزت في هذه الحقبة اسماء اصبحت عالمية نذكر منهم علي سبيل المثال: الفنان  نصير شمه، كما شهدت هذه الفترة تكريما مميزا للكثير من النحاتين وعلي سبيل المثال خالد الرحال، وعلاء بشير، وجواد سليم.

فيرى البعث ان الحياة والفن صنوان لا يمكن الفصل بينهما بارتباط الفن بانسانية الإنسان ومشاعره وغرائزه وتراثه وعاداته وتقاليده.

*نحو برنامج ثقافى شامل

علينا أن نهتم بالمشاريع الثقافية للفنون والآداب، فالابداعات الثقافية والفنية هى وسيلة هامة للتأثير على القيم الفكرية والاجتماعية والانسانية ، ويمكنها تعزيز  القيم المستنيرة والتقدمية والديمقراطية وان تكون محركات  للتنمية المجتمعية والتغيير الاجتماعى والسياسى والثقافى التى نادت به مؤتمرات حزب البعث  و  شعارات ثورة أكتوبر ١٩٦٤م وانتفاضة مارس أبريل ١٩٨٥م و ثورة ديسمبر المجيدة ٢٠١٨ م فى الحرية والسلام والعدالة.لذلك  حزب البعث شارك فى الملفات الثقافية والنقد الأدبى والمجلات الثقافية منها مجلة الثقافة الوطنية ومجلة الدستور  وصحيفة الهدف الثقافى والتلغراف  وفى انتفاضة ديسمبر ٢٠١٨م قدم رؤيته الثقافية والإعلامية للفترة الانتقالية لوزارة الثقافة والإعلام،  وشارك فى تأسيس  الجمعيات والمراكز والأندية والندوات الثقافية فى مدن العاصمة والولايات  ،كما شكل اللجنة الثقافية  للعاصمة، و التى ولد منها مشروع غنائى  كبير هو فرقة كورال ،لحن

الحياة  حيث أقامت الفرقة عدد من الفعاليات  منها المهرجان الثقافى بمركز شباب امدرمان  ،بمشاركة عدد من الموسيقيين   والشعراء والأدباء والكتاب والنقاد والصحفيين .

علينا دعم البرنامج الثقافى

١ تشجيع الإبداع والإنتاج الثقافى

٢تفعيل منصات العمل الثقافى

٣ الاهتمام ببرنامج الابتعاث الثقافى دراسة علوم الآثار  والفنون والتصميم والمتاحف والموسيقى والمسرح وصناعة الافلام.

٤ المشاركة فى  انشاء قنوات واذاعات وصحف ومجلات ديمقراطية تعنى بالعمل الثقافى.

٥  الاهتمام بتكنولوجيا العصر والإعلام والإعلام الرقمى.

٦ قيام المهرجانات الثقافية والمشاركة فى المناسبات  العربية و  الإقليمية والدولية  .

٧ إنتاج مشاريع ثقافية تعمل لنبذ خطاب الكراهية.وتدعو للوحدة الوطنية.ووقف الحرب.والسلام.

٨ الاهتمام بالفنانين والمبدعين واحترام حقوقهم على ضوء موجهات الملكية الفكرية.

Be the first to comment

Leave a Reply

Your email address will not be published.